لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ...} الآية [١٧/٩].
قوله تعالى: ﴿وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ﴾. أمر الله جل وعلا نبيه ﷺ في هذه الآية الكريمة: أن يتلو هذا القرآن الذي أوحاه إليه ربه. والأمر في قوله: ﴿واتل﴾ [١٨/٢٧] شامل للتلاوة بمعنى القراءة. والتلو: بمعنى الاتباع. وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أمره تعالى نبيه ﷺ بتلاوة القرآن العظيم واتباعه جاء مبيناً في آيات أخر. كقوله: تعالى في سورة العنكبوت: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ...﴾ الآية[٢٩/٤٥]، وكقوله: تعالى في آخر سورة النمل: ﴿إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ...﴾ الآية [٢٧/٩١-٩٢]، ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً﴾ [٧٣/٤] إلى غير ذلك من الآيات الدالة على الأمر بتلاوته، وكقوله: تعالى على الأمر باتباعه: ﴿اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ [٦/١٠٦]، وقوله تعالى: ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [٤٣/٤٣]، وقوله تعالى: ﴿قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ [٤٦/٩]، وقوله تعالى: ﴿قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [١٠/١٥]، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على الأمر باتباع هذا القرآن العظيم.
وقد بين في مواضع أخر بعض النتائج التي تحصل بسبب تلاوة القرآن واتباعه. كقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ﴾ [٣٥/٢٩]، وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [٢/١٢١]، والعبرة في هذه الآية بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. قوله تعالى: ﴿لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ﴾، بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه لا مبدل لكلماته. أي لأن أخبارها صدق: وأحكامها عدل، فلا يقدر أحد أن يبدل صدقها كذباً. ولا أن يبدل عدلها جوراً: وهذا الذي ذكره هنا جاء مبيناً في مواضع أخر، كقوله تعالى: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [٦/١١٥]، فقوله: ﴿صدقاً﴾ يعني في الإخبار. وقوله: ﴿عدلاً﴾ أي في الأحكام. وكقوله:


الصفحة التالية
Icon