أصلية وليست مبدلة من دال على الأصح؛ ومنه العتاد بمعنى العدة للشيء. ومعنى أعتدنا: أرصدنا وأعددنا. والمراد بالظالمين هنا: الكفار. بدليل قوله: قبله ﴿وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ وقد قدمنا كثرة إطلاق الظلم على الكفر في القرآن. كقوله: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [٣١/١٣]، وقوله تعالى: ﴿وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [٢/٢٥٤]، وقوله تعالى: ﴿وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [١٠/١٠٦]، ونحو ذلك من الآيات. وقد قدمنا أن الظلم في لغة العرب: وضع الشيء في غير محله، ومن أعظم ذلك وضع العبادة في مخلوق. وقد جاء في القرآن إطلاق الظلم على النقص في قوله: ﴿وَلَمْ تَظْلِمِ مِّنْهُ شَيْئًا﴾ [١٨/٣٣]، وأصل معنى مادة الظلم هو ما ذكرنا من وضع الشيء في غير موضعه، ولأجل ذلك قيل الذي يضرب اللبن قبل أن يروب: ظالم لوضعه ضرب لبنه في غير موضعه، لأن ضربه قبل أن يروب يضيع زبده. ومن هذا المعنى قول الشاعر:

وقائلة ظلمت لكم سقائي وهل يخفى على العكد الظليم
فقوله: ظلمت لكم سقائي، أي: ضربته لكم قبل أن يروب. ومنه قول الآخر في سقاء له ظلمه بنحو ذلك:
وصاحب صدق لم تربني شكاته ظلمت وفي ظلمي له عامداً أجر
وفي لغز الحريري في مقاماته في الذي يضرب لبنه قبل أن يروب قال: أيجوز أن يكون الحاكم ظالماً؟ قال: نعم، إذا كان عالماً. ومن ذلك أيضاً قولهم: للأرض التي حفر فيها وليست محل حفر في السابق: أرض مظلومة، ومنه قول نابغة ذبيان:
إلا الأواري لأياً ما أبينها والنؤى كالحوض بالمظلومة الجلد
وما زعمه بعضهم من أن المظلومة في البيت هي التي ظلمها المطر بتخلفه عنها وقت إبانه المعتاد ـ غير صواب. والصواب هو ما ذكرنا إن شاء الله تعالى. ولأجل ما ذكرنا قالوا للتراب المخرج من القبر عند حفره ظليم بمعنى مظلوم، لأنه حفر في غير محل الحفر المعتاد، ومنه قول الشاعر يصف رجلاً مات ودفن:
فأصبح في غبراء بعد إشاحة على العيش مرود عليها ظليمها
وقوله: ﴿أَحَاطَ بِهِمْ﴾، أي أحدق بهم من كل جانب، وقوله: ﴿سُرَادِقُهَا﴾، أصل السرادق واحد السرادقات التي تمد فوق صحن الدار. وكل بيت من


الصفحة التالية
Icon