جانب؛كما قال تعالى: ﴿لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ﴾ [٧/٤١]، وقال: ﴿لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ﴾ [٣٩/١٦]، وقال: ﴿لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ﴾ [٢١/٣٩]، إلى غير ذلك من الآيات.
وقوله: في هذه الآية الكريمة: ﴿وَإِن يَسْتَغِيثُواْ﴾ يعني إن يطلبوا الغوث مما هم فيه من الكرب يغاثوا، يؤتوا بغوث هو ماء كالمهل. والمهل في اللغة: يطلق على ما أذيب من جواهر الأرض، كذائب الحديد والنحاس، والرصاص ونحو ذلك.
ويطلق أيضاً على دردي الزيت وهو عكره. والمراد بالمهل في الآية: ما أذيب من جواهر الأرض. وقيل: دردي الزيت. وقيل: هو نوع من القطران. وقيل السم.
فإن قيل: أي إغاثة في ماء كالمهل مع أنه من أشد العذاب، وكيف قال الله تعالى: ﴿يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ﴾ [١٨/٢٩].
فالجواب: أن هذا من أساليب اللغة العربية التي نزل بها القرآن. ونظيره من كلام العرب قول بشر بن أبي حازم:

غضبت تميم أن تقتل عامر يوم النسار فأعتبوا بالصيلم
فمعنى قوله: أعتبوا بالصيلم: أي أرضوا بالسيف. يعني ليس لهم منا إرضاء إلا بالسيف. وقول عمرو بن معد يكرب:
وخيل قد دلفت لها بخيل تحية بينهم ضرب وجيع
عني لا تحية لهم إلا الضرب الوجيع. وإذا كانوا لا يغاثون إلا بماء كالمهل ـ علم من ذلك أنهم لا إغاثة لهم البتة. والياء في قوله: ﴿يستغيثوا﴾، والألف في قوله: ﴿يغاثوا﴾، كانا هما مبدلة من واو، لأن مادة الاستغاثة من الأحرف الواوي العين، ولكن العين أعلت للساكن الصحيح قبلها، على حد قوله: في الخلاصة:
لساكن صح انقل التحريك من ذي لين آت عين فعل كأبن
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿يَشْوِى الْوجُوهَ﴾، أي: يحرقها حتى تسقط فروة الوجه، أعاذنا الله والمسلمين منه وعن النَّبي ﷺ في تفسير هذه الآية الكريمة أنه قال: ﴿كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ﴾، هو كعكر الزيت فإذا قرب إليه سقطت فروة وجهه. قال


الصفحة التالية
Icon