نَاصِرٍ} [٨٦/١٠]، والآيات بمثل هذا كثيرة جداً. وقوله: ﴿هُنَالِكَ﴾ قال بعض العلماء. هو متعلق بما بعده، والوقف تام على قوله: ﴿وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً﴾. وقال بعضهم: هو متعلق بما قبله، فعلى القول الأول فالظرف الذي هو ﴿هنالك﴾ عامله ما بعده، أي الولاية كائنة لله هنالك. وعلى الثاني فالعامل في الظرف اسم الفاعل الذي هو ﴿منتصراً﴾ أي لم يكن انتصاره واقعاً هنالك. وقوله: ﴿هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا﴾ أي جزاء كما تقدم. وقوله: ﴿عقباً﴾ أي عاقبة ومآلاً. وقرأه السبعة ما عدا عاصماً وحمزة ﴿عقباً﴾ بضمتين. وقراءة عاصم وحمزة عقباً بضم العين وسكون القاف والمعنى واحد. وقوله: ﴿ثواباً﴾ وقوله: ﴿عقباً﴾ كلاهما منصوب على التمييز بعد صيغة التفضيل التي هي ﴿خير﴾ كما قال في الخلاصة:
والفاعل المعنى انصبن بأفعلا | مفضلاً كأنت أعلى منزلا |
وغالباً أغناهم خير وشر | عن قولهم أخير منه وأشر |
قوله: في هذه الآية الكريمة ﴿فِئَةٌ﴾، محذوف منه حرف بلا خلاف، إلا أن العلماء اختلفوا في الحرف المحذوف. هل هو ياء أو واو، وهل هو العين أو اللام؟ قال بعضهم: المحذوف العين، وأصله ياء. وأصل المادة ف ي أ، من فاء يفيء، إذا رجع، لأن فئة الرجل طائفته التي يرجع إليها في أموره، وعلى هذا فالتاء عوض عن العين المحذوفة، ووزنه بالميزان الصرفي فلة وقال بعضهم: المحذوف اللام. وأصله واو، من فأوت رأسه: إذا شققته نصفين. وعليه فالفئة الفرقة من الناس. وعلى هذا فوزنه بالميزان الصرفي فعة والتاء عوض عن اللام. وكلا القولين نصره بعض أهل العلم، والعلم عند الله تعالى. قوله تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً﴾، ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة ـ أن المال والبنين زينة الحياة الدنيا، وأن الباقيات الصالحات خير عند الله ثواباً وخير أملاً.
والمراد من الآية الكريمة ـ تنبيه الناس للعمل الصالح. لئلا يشتغلوا بزينة الحياة الدنيا