اقْتَدِهْ} [٦/٨٣-٩٠]ا هـ. وقد قال تعالى في صفة هؤلاء المذكورين في «الأنعام»: ﴿وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [٦/٨٧]، كما قال في صفة هؤلاء المذكورين في سورة «مريم» ﴿وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا﴾ [١٩/٥٨].
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً﴾، بين فيه أن هؤلاء الأنبياء المذكورين إذا تتلى عليهم آيات ربهم بكوا وسجدوا. وأشار إلى هذا المعنى في مواضع أخر بالنسبة إلى المؤمنين لا خصوص الأنبياء، كقوله تعالى: ﴿قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً﴾ [١٧/١٠٧-١٠٩]، وقوله: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ﴾ [٥/٨٣]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً﴾، وقوله تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [٣٩/٢٣]، فكل هذه الآيات فيها الدلالة على أنهم إذا سمعوا آيات ربهم تتلى تأثروا تأثراً عظيماً، يحصل منه لبعضهم البكاء والسجود. ولبعضهم قشعريرة الجلد ولين القلوب والجلود، ونحو ذلك.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿وَبُكِيّاً﴾، جمع باك. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية من سورة «مريم» فسجد وقال: هذا السجود، فأين البكى؟ يريد البكاء. وهذا الموضع من عزائم السجود بلا خلاف بين العلماء في ذلك.
قوله تعالى: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً﴾.
الضمير في قوله: ﴿مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ [١٩/٥٩]، راجع إلى النَّبيين المذكورين في قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ﴾ [١٩/٥٨]، أي: فخلف من بعد أولئك النَّبيين خلف، أي: أولاد سوء. قال القرطبي رحمه الله في تفسير سورة «الأعراف» قال أبو حاتم: الخلف بسكون اللام ـ: الأولاد، الواحد والجمع فيه سواء. والخلف ـ بفتح اللام ـ البدل ولداً كان أو غريباً. وقال ابن والأعرابي: الخلف ـ بالفتح ـ: الصالح، وبالسكون: الطالح. قال لبيد: