أن يكون يصلي"، فقال خالد: وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس، ولا أشق بطونهم" مختصر من حديث متفق عليه. فقوله ﷺ في هذا الحديث الصحيح "لا" يعني لا تقتله. وتعليله ذلك بقوله: "لعله أن يكون يصلي" فيه الدلالة الواضحة على النهي عن قتل المصلين. ويفهم منه أنه إن لم يصل يقتل، وهو كذلك.
ومنها ما رواه مسلم في صحيحه عن أم سلمة رضي الله عنها عن النَّبي ﷺ أنه قال: "إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون. فمن كره فقد برىء، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع" قالوا: يا رسول الله، ألا نقاتلهم؟ قال: "لا ما صلوا" هذا لفظ مسلم في صحيحه. و«ما» في قوله: "ما صلوا" مصدرية ظرفية. أي لا تقاتلوهم مدة كونهم يصلون. ويفهم منه أنهم إن لم يصلوا قوتلوا، وهو كذلك، مع أنه ﷺ قال في حديث عبادة بن الصامت المتفق عليه: "إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان" فحديث أم سلمة هذا ونحو حديث عوف بن مالك الآتي يدل على قتل من لم يصل، وبضميمة حديث عبادة بن الصامت إلى ذلك يظهر الدليل على الكفر بترك الصلاة. لأنه قال في حديث عبادة بن الصامت: "إلا أن تروا كفراً بواحاً.." الحديث. وأشار في حديث أم سلمة وعوف بن مالك: إلى أنهم إن تركوا الصلاة قوتلوا. فدل ذلك على أن تركها من الكفر البواح. وهذا من أقوى أدلة أهل القول الأول. وحديث عرف بن مالك المذكور هو ما رواه مسلم في صحيحه عنه عن رسول الله ﷺ بلفظ قال: "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم. وشرار أئمتكم الذين تبغضونم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم قيل: يا رسول الله، أفلا ننابذهم بالسيف؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة..." الحديث. وفيه الدلالة الواضحة على قتالهم إذا لم يقيموا الصلاة؛ كما ترى.
ومن أدلة أهل هذا القول على قتل تارك الصلاة: ما رواه الأئمة الثلاثة: مالك في موطئه، والشافعي، وأحمد في مسنديهما، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار: أن رجلاً من الأنصار حدثه أنه أتى رسول الله ﷺ وهو في مجلس يساره يستأذنه في قتل رجل من المنافقين. فجهر رسول الله ﷺ فقال: "أليس يشهد ألا إله إلا الله"؟ قال الأنصاري: بلى يا رسول الله، ولا شهادة له! قال: "أليس يشهد أن محمداً رسول الله"؟ قال: بلى ولا شهادة له قال: "أليس يصلي"؟ قال: بلى ولا صلاة له. قال: "أولئك الذين نهاني


الصفحة التالية
Icon