وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [٦/٩٦]، وقوله ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَاوَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَاوَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا﴾ الآية[٩١/١-٤]، وقوله ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى﴾ الآية [٩٢/٢، ١]، وقوله: ﴿وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾ [٩٣/١-٢]، إلى غير ذلك من الآيات.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ﴾ [١٧/١٢]، يعني أنه جعل الليل مظلماً مناسباً للهدوء والراحة، والنهار مضيئاً مناسباً للحركة والاشتغال بالمعاش في الدنيا. فيسعون في معاشهم في النهار، ويستريحون من تعب العمل بالليل. ولو كان الزمن كله ليلاً لصعب عليهم العمل في معاشهم، ولو كان كله نهاراً لأهلكهم التعب من دوام العمل.
فكما أن الليل والنهار آيتان من آياته جلَّ وعلا، فهما أيضاً نعمتان من نعمه جلَّ وعلا.
وبين هذا المعنى المشار إليه هنا في مواضع أخر، كقوله: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [٢٨/٧١-٧٣].
فقوله: ﴿لِتَسْكُنُواْ فِيهِ﴾، أي: في الليل، وقوله: ﴿وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ﴾ [٢٨/٧٣]، أي: في النهار وقوله: ﴿وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاًوَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً﴾ [٧٨/٩-١١]، وقوله: ﴿وَهُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً﴾ [٢٥/٤٧]، وقوله: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾ الآية[٣٠/٢٣]، وقوله: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ﴾ [٦/٦٠]، إلى غير ذلك من الآيات.
وقوله في هذه الآية الكريمة: ﴿وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ﴾ [١٧/١٢]، بين فيه نعمة أخرى على خلقه، وهي معرفتهم عدد السنين والحساب. لأنهم باختلاف


الصفحة التالية
Icon