[١٧/٢]، وقد تقدمت شواهد هذا في "سورة هود".
تنبيه
اختلف العلماء: هل رأى رسول الله ﷺ ربه ليلة الإسراء بعين رأسه أولاً؟ فقال ابن عباس وغيره: رآه بعين رأسه وقالت عائشة وغيرها: لم يره. وهو خلاف مشهور، بين أهل العلم معروف.
قال مقيده عفا الله عنه: التحقيق الذي دلت عليه نصوص الشرع: أنه ﷺ لم يره بعين رأسه. وما جاء عن بعض السلف من أنه رآه؛ فالمراد به الرؤية بالقلب. كما في صحيح مسلم: أنه رآه بفؤاده مرتين لا بعين الرأس.
ومن أوضح الأدلة على ذلك: أن أبا ذر رضي الله عنه "وهو هو في صدق اللهجة" سأل النَّبي ﷺ عن هذه المسألة بعينها. فأفتاه بما مقتضاه: أنه لم يره. قال مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن زيد بن إبراهيم، عن قتادة، عن عبد الله بن شقيق، عن أبي ذر قال:" سأَلت رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل رأَيت ربك؟ قال: "نور! أنى أراه" !؟.
حدثنا محمد بن بشار، حدثنا معاذ بن هشام، حدثنا أبي "ح" وحدثني حجاج بن الشاعر، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا همام، كلاهما عن قتادة، عن عبد الله بن شقيق قال:"قلت لأبي ذر: لو رأيت رسول الله ﷺ لسألته. فقال: عن أي شيء كنت تسأله؟ قال: كنت أسأله: هل رأيت ربك؟ قال أبو ذر: قد سألت فقال: "رأيت نوراً" هذا لفظ مسلم.
وقال النووي في شرحه لمسلم: أما قوله صلى الله عليه وسلم: "نور! أَنى أراه" !! فهو بتنوين «نور» وفتح الهمزة في «أَنى»، وتشديد النون وفتحها. و«أَراه» بفتح الهمزة هكذا رواه جميع الرواة في جميع الأصول والروايات. ومعناه: حجابة نور، فكيف أراه!!.
قال الإمام أبو عبد الله المازري رحمه الله: الضمير في «أراه» عائد إلى الله سبحانه وتعالى، ومعناه: أن النور منعني من الرؤية؛ كما جرت العادة بإغشاء الأنوار الأبصار، ومنعها من إدراك ما حالت بين الرائي وبينه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "رأَيت نوراً" معناه: رأيت النور فحسب، ولم أر غيره. قال: وروي «نوراني» فتح الراء وكسر النون وتشديد الياء. ويحتمل أن يكون معناه راجعاً إلى ما قلناه؛


الصفحة التالية
Icon