الأنبياء من قبلك، وتولى دينه بالنصر والحياطة، فهكذا نحفظ دينك وشرعك.
وقال بعض أهل العلم: لما نعى جبريل إلى النَّبي ﷺ نفسه قال: "فَمَنْ لأُمتي" ؟ فنزلت ﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ﴾ والأول أظهر. لأن السورة مكية: ومعنى الآية: أن الله لم يجعل لبشر قبل نبيه الخلد. أي دوام البقاء في الدنيا، بل كلهم يموت.
وقوله: ﴿أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ﴾ استفهام، إنكاري معناه النفي. والمعنى: أنك إن مت فهم لن يخلدوا بعدك، بل سيموتون. ولذلك أتبعه بقوله: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾. وما أشار إليه جل وعلا في هذه الآية من أنه ﷺ سيموت، وأنهم سيموتون، وأن الموت ستذوقه كل نفس، أوضحه في غير هذا الموضع. كقوله تعالى: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾، وكقوله: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ﴾، وقوله في سورة "آل عمران" :﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾، وقوله في سورة "العنكبوت" :﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾، وقوله تعالى في سورة "النساء" :﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾ إلى غير ذلك من الآيات. وقد قدمنا في سورة "الكهف" استدلال بعض أهل العلم بهذه الآية الكريمة على موت الخضر عليه السلام. وقال بعض أهل العلم في قوله: ﴿فَهُمُ الْخَالِدُونَ﴾ : هو استفهام حذفت أداته. أي أفهم الخالدون. وقد تقرر في علم النحو أن حذف همزة الاستفهام إذا دل المقام عليها جائز، وهو قياسي عند الأخفش مع "أم" ودونها ذكر الجواب أم لا: فمن أمثلته دون "أم" ودون ذكر الجواب قول الكميت:

طربت وما شوقاً إلى البيض أطرب ولا لعباً مني وذو الشيب يلعب
يعني: أو ذو الشيب يلعب. وقول أبي خراش الهذلي واسمه خويلد:
وَفَوني وقالوا يا خُوَيْلِدُ لم تُرَع فقلتُ وأنكرتُ الوجوهَ همُ همُ
يعني: أهم هم على التحقيق. ومن أمثلته دون "أم" مع ذكر الجواب قول عمر بن أبي ربيعة المخزومي:


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2025
Icon
ثم قالوا تحبها قلت بهرا عدد النجم والحصى والتراب