العاقبة الحميدة، والنصر النهائي كما كان لهم. وما تضمنته هذه الآية الكريمة من ذلك جاء موضحاً في مواضع من كتاب الله. كقوله تعالى: ﴿مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ والآيات بمثل ذلك كثيرة.
وقوله في هذه الآية الكريمة: ﴿فَحَاقَ﴾ أي أحاط بهم. ومادة حاق يائية العين. بدليل قوله في المضارع: ﴿وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ﴾ ولا تستعمل هذه المادة إلا في إحاطة المكروه خاصة. فلا تقول: حاق به الخير بمعنى أحاط به. والأظهر في معنى الآية: أن المراد: وحاق بهم العذاب الذي كانوا يكذبون به في الدنيا ويستهزؤون به، وعلى هذا اقتصر ابن كثير. وقال القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة: ﴿فَحَاقَ﴾ أي أحاط ودار ﴿بِالَّذِينَ﴾ كفروا و ﴿سَخِرُوا مِنْهُمْ﴾ وهزءوا بهم ﴿مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ أي جزاء استهزائهم. والأول أظهر، والعلم عند الله تعالى. والآية تدل على أن السخرية من الاستهزاء وهو معروف.
قوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ يَكْلَأُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ﴾.
أمر الله جل وعلا نبيه ﷺ في هذه الآية الكريمة: أن يقول للمعرضين عن ذكر ربهم: ﴿مَنْ يَكْلَأُكُمْ﴾ أي من هوالذي يحفظكم ويحرسكم ﴿بِاللَّيْلِ﴾ في حال نومكم ﴿وَالنَّهَارِ﴾ في حال تصرفكم في أموركم. والكِلاءة بالكسر: الحفظ والحِراسة. يقال: اذهب في كِلاءة الله. أي في حفظه، واكتلأت منهم: احترست. ومنه قول ابن هرمة:

إنَّ سُلَيمى والله يكلؤها ضنَّت بشيء ما كان يَرْزَؤُها
وقول كعب بن زهير:


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2025
Icon
أنَخْت بَعيري واكْتَلأَت بِعَيْنِه وآمرت نفسي أي أمري أفعلُ