كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ}، ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾، ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ﴾، ﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ﴾.
وقد جاء التعليل في الكتاب العزيز بالباء تارة، وباللام تارة، وبـ"أَن" تارة وبمجموعهما تارة، وبـ"كَيْ" تارة و"مِنْ أجْلِ" تارة، وترتيب الجزاء على الشرط تارة؟ وبالفاء المؤذية بالسببية تارة، وترتيب الحكم على الوصف المقتضى له تارة، وبـ"لما" تارة، وبـ"أن" المشددة تارة وبـ"لَعل" تارة، وبالمفعول له تارة. فالأول كما تقدم. واللام كقوله: ﴿ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾، وأن كقوله: ﴿أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا﴾. ثم قيل: التقدير لئلا تقولوا، وقيل كراهة أن تقولوا. وأن واللام كقوله: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ وغالب ما يكون هذا النوع في النفي فتأمله. وكي كقوله: ﴿كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً﴾ والشرط والجزاء كقوله: ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً﴾، والفاء كقوله: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ﴾، ﴿فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً﴾، ﴿فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً﴾، وترتيب الحكم على الوصف كقوله: ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ﴾، وقوله: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾، وقوله: ﴿إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ﴾، ﴿وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾، ﴿وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ﴾، ولما كقوله: ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾. ﴿فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾. وإن المشددة كقوله: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ﴾، ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ﴾. ولعل كقوله: ﴿لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾، ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾، ﴿لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ والمفعول له كقوله: ﴿وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى﴾ أي لم يفعل ذلك جزاء نعمة أحد من الناس: وإنما فعله ابتغاء وجه ربه الأعلى. ومن أجل كقوله: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ﴾.