الأرض إذا حركت حركة شديدة تزلزل كل شيء عليها زلزلة قوية.
وقوله ﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا﴾ منصوب بتذهل، والضمير عائد إلى الزلزلة. والرؤية: بصرية، لأنهم يرون زلزلة الأشياء بأبصارهم، وهذا هو الظاهر، وقيل: إنها من رأي العلمية.
وقوله ﴿تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ﴾ أي بسبب تلك الزلزلة، والذهول: الذهاب عن الأمر مع دهشة، ومنه قول عبد الله بن رواحة رضي الله عنه:

ضرباً يزيل الهام عن مقيله ويذهل الخليلَ عن خليله
وقال قطرب: ذهل عن الأمر: اشتغل عنه. وقيل: ذهل عن الأمر: غفل عنه لطرو شاغل، من هم أو مرض، أو نحو ذلك، والمعنى واحد، وبقية الأقوال راجعة إلى ما ذكرنا.
وقوله ﴿كُلُّ مُرْضِعَةٍ﴾ أي كل أنثى ترضع ولدها، ووجه قوله: مرضعة، ولم يقل: مرضع: هو ما تقرر في علم العربية، من أن الأوصاف المختصة بالإناث إن أريد بها الفعل لحقها التاء، وإن أريد بها النسب جردت من التاء، فإن قلت: هي مرضع تريد: أنها ذات رضاع، جردته من التاء كقول امرىء القيس:
فمثلكِ حُبلى قد طرقت ومرضعا فألهيتها عن ذي تمائِمَ مغيل
وإن قلت: هي مرضعة بمعنى، أنها تفعل الرضاع: أي تلقم الولد الثدي، قلت: هي مرضعة بالتاء ومنه قوله:
كمرضعة أولاد أُخرى وضيعت بني بطنها هذا الضلال عن القصد
كما أشار له بقوله:
وما من الصفات بالأنثى يخص عن تاء استغنى لأن اللفظ نص
وحيث معنى الفعل يعني التاء زد كذي غدت مرضعة طفلاً ولَد
وما زعمه بعض النحاة الكوفيين: من أن أم الصبي مرضعة بالتاء والمستأجرة للإرضاع: مرضع بلا هاء باطل، قاله أبو حيان في البحر. واستدل عليه بقوله: كمرضعة أولاد أخرى ـ البيت: فقد أثبت التاء لغير الأم، وقول الكوفيين أيضاً: إن الوصف المختص بالأنثى لا يحتاج فيه إلى التاء، لأن المراد منها الفرق بين الذكر والأنثى: والوصف المختص بالأنثى لا يحتاج إلى فرق لعدم مشاركة الذكر لها فيه مردود أيضاً، قاله


الصفحة التالية
Icon