السكران، كما يجمع الزمن على الزمنى، قاله أبو على الفارسي، كما نقله عنه أبو حيان في البحر. وقيل: إن سكرى مفرد، وهو غير صواب. واستدلال المعتزلة بهذه الآية الكريمة على أن المعدوم يسمى شيئاً، لأنه وصف زلزلة الساعة، بأنها شيء في حال عدمها قبل وجودها. قد بينا وجه رده في سورة مريم، فأغنى عن إعادته هنا.
مسألة
اختلف العلماء في وقت هذه الزلزلة المذكورة هنا، هل هي بعد قيام الناس من قبورهم يوم نشورهم إلى عرصات القيامة، أو هي عبارة عن زلزلة الأرض قبل قيام الناس من القبور؟
فقالت جماعة من أهل العلم: هذه الزلزلة كائنة في آخر عمر الدنيا، وأول أحوال الساعة، وممن قال بهذا القول: علقمة، والشعبي، وإبراهيم، وعبيد بن عمير، وابن جريج. وهذا القول من حيث المعنى له وجه من النظر، ولكنه لم يثبت ما يؤيده من النقل، بل الثابت من النقل يؤيد خلافه. وهو القول الآخر.
وحجة من قال بهذا القول حديث مرفوع، جاء بذلك، إلا أنه ضعيف لا يجوز الاحتجاج به.
قال ابن جرير الطبري في تفسيره مبيناً دليل من قال: إن الزلزلة المذكورة في آخر الدنيا قبل يوم القيامة: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن إسماعيل بن رافع المدني، عن يزيد بن أبي زياد، عن رجل من الأنصار، عن محمد بن كعب القرظي، عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ "لما فرغ الله من خلق السمواتِ والأرضِ خلق الصُّور فأعطى إسرافيلَ فهو واضعه على فيه شاخص ببصره إلى السماء ينظر متى يؤمر" قال أبو هريرة: يا رسول الله، وما الصُّور؟ قال: "قرن"، قال: وكيف هو؟ قال: " قرن عظيم ينفخ فيه ثلاث نفخات، الأولى: نفخة الفزع، والثانية: نفخة الصعق: والثالثة: نفخة القيام لرب العالمين يأمر الله عز وجل إسرافيل بالنَّفخة الأولى: انفخ نفخة الفزع فتفزع أهل السموات والأرضِ إلا من شاء الله ويأمره الله فيديمها ويطولها فلا يفتر، وهي التي يقول الله: ﴿وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ﴾ فيسير الله الجبال فتكون سراباً، وترج الأرض بأهلها رجًّا، وهي التي يقول الله: ﴿يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ﴾


الصفحة التالية
Icon