وأشهد من عوق حلولاً كثيرة يحجون سب الزبرقان المزعفرا
قوله: يحجون يعني: يكثرون قصده، والاختلاف إليه، والتردد عليه. والسب بالكسر: العمامة. وعنى بكونهم يحجون عمامته: أنهم يحجونه، فكنى عنه بالعمامة. والرجال في الآية: جمع راجل، وهو الماشي على رجليه، والضامر: البعير ونحوه. المهزول: الذي أتعبه السفر. وقوله: ﴿يَأْتِينَ﴾ يعني: الضوامر المعبر عنها بلفظ كل ضامر، لأنه في معنى: وعلى ضوامر يأتين من كل فج عميق، لأن لفظة ﴿كُلِّ﴾ صيغة عموم، يشمل ضوامر كثيرة: والفج: الطريق، وجمعه: فجاج: ومنه قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾ والعميق: البعيد، ومنه قول الشاعر:
إذا الخيل جاءت من فجاجٍ عميقة | يمد بها في السير أشعث شاحب |
وذكر المفسرون أنه لما أَمره ربه، أن يأذن في الناس بالحج قال: يا رب، كيف أبلغ الناس، وصوتي لا ينفذهم، فقال: ناد وعلينا البلاغ، فقام على مقامه. وقيل: على الحجر. وقيل: على الصفا. وقيل: على أبي قبيس، وقال: يا أيها الناس، إن ربكم قد اتخذ بيتاً فحجوه، فيقال: إن الجبال تواضعت، حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض، وأسمع من في الأرحام والأصلاب، وأجابه كل شيء سمعه من حجر ومدر وشجر، ومن كتب الله أنه يحج إلى يوم القيامة: لبيك اللهم لبيك.
قال ابن كثير رحمه الله بعد أن ذكر هذا الكلام: هذا مضمون ما ورد عن ابن عباس ومجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وغير واحد من السلف والله أعلم، وأوردها ابن جرير وابن أبي حاتم مطولة. انتهى منه.
وقوله تعالى: ﴿يَأْتُوكَ رِجَالاً﴾ مجزوم في جواب الطلب، وهو عند علماء العربية