وقد تقرر في الأصول: أن عدم الاستفصال من النَّبي ﷺ أي طلب التفصيل في أحوال الواقعة، ينزل منزلة العموم القولي وإليه أشار في مراقي السعود بقوله:
ونزّلن تركَ الاستفصال | منزلةَ العمومِ في الأقْوَالِ |
ومنها: ما رواه النسائي في سننه، أخبرنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر قال: سمعت سعيد بن جبير، يحدث عن ابن عباس: أن امرأة نذرت أن تحج فماتت، فأتى أخوها النَّبي ﷺ فسأله عن ذلك؟ فقال: "أرأيت لو كان على أختك دَيْن أكنت قاضيه؟" قال: نعم قال: "فاقضوا الله، فهو أحق بالوفاء" انتهى.
وهذه الأحاديث، التي ذكرنا في نذر الحج، وقد بينا أن إيجاب الله فريضة الحج أعظم من إيجابها بالنذر، مع أن النَّبي ﷺ أمر بقضائها وشبهها بِديْنِ الآدمي. وسنذكر أيضاً إن شاء الله أحاديث ليس فيها نذر الحج.
قال النسائي في سننه: أخبرنا أبو عاصم خشيش بن أصرم النسائي، عن عبد الرزاق، قال: أنبأنا معمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رجل: يا رسول الله إن أبي مات ولم يحج، أفأحج عنه؟ قال: " أرأيت لو كان على أبيك دَين أكنت قاضيه؟" قال: نعم. قال: "فدين الله أحق" ا هـ.
ورجال هذا الإسناد ثقات معروفون، لا كلام في أحد منهم، إلا الحكم بن أبان العدني. وقد قال فيه ابن معين، والنسائي: ثقة. وقال أبو زرعة: صالح. وقال العجلي: ثقة صاحب سنة. قال ابن عيينة: أتيت عدن، فلم أر مثل الحكم بن أبان، وعده ابن حبان في الثقات. وقال: ربما أخطأ. وإنما وقع المناكير في روايته، من رواية ابنه إبراهيم عنه، وإبراهيم ضعيف. وحكى ابن خلفون: توثيقه عن ابن نمير، وابن المديني وأحمد بن حنبل ا هـ. وقال ابن عدي: فيه ضعف. وقال ابن خزيمة في صحيحه: تكلم أهل المعرفة بالحديث في الاحتجاج بخبره وبما ذكر تعلم صحة الاحتجاج بالحديث المذكور، وليس فيه نذر الحج.
وقال النسائي في سننه أيضاً: أخبرنا عمران بن موسى قال: حدثنا عبد الوارث قال: حدثنا أبو التَّيَّاحِ، قال: حدثني موسى بن سلمة الهذلي، أن ابن عباس قال: أَمَرَت