قال النووي في شرح المهذب، وشرح مسلم في أدلة من فضل الإفراد: ومنها: أن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم بعد النَّبي ﷺ أفردوا الحج، وواظبوا عليه، كذلك فعل أبو بكر وعمر وعثمان. واختلف فعل علي رضي الله عنهم أجمعين. وقد حج عمر بالناس عشر حجج مدة خلافته كلها مفرداً، ولو لم يكن هذا هو الأفضل عندهم، وعلموا أن النَّبي ﷺ حج مفرداً لم يواظبوا على الإفراد مع أنهم الأئمة الأعلام، وقادة الإسلام ويقتدى بهم في عصرهم وبعدهم، وكيف يظن بهم المواظبة على خلاف فعل النَّبي صلى الله عليه وسلم، أو أنهم خفي عليهم جميعهم فعله صلى الله عليه وسلم. وأما الخلاف عن علي وغيره، فإنما فعلوه لبيان الجواز، وقد قدمنا عنهم ما يوضح هذا انتهى منه.
الأمر الخامس: من الأمور التي استدل بها القائلون. بأفضلية الإفراد: هو ما ذكره النووي في شرح المهذب قال: ومنها: أن الأمة أجمعت على جواز الإفراد من غير كراهة، وكره عمر وعثمان وغيرهما ممن ذكرناه قبل هذا التمتع، وبعضهم كره التمتع والقران وإن كانوا يجوزونه على ما سبق تأويله، فكان ما أجمعوا على أنه لا كراهة فيه أفضل. انتهى منه.
وقال البيهقي في السنن الكبرى: فثبت بالسنة الثابتة عن رسول الله ﷺ جواز التمتع والقران والإفراد، وثبت بمضي النَّبي ﷺ في حج مفرد ثم باختلاف الصدر الأول في كراهية التمتع والقران دون الإفراد كون إفراد الحج عن العمرة أفضل. والله أعلم. انتهى منه.
وقال البيهقي في السنن الكبرى أيضاً: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي وأبو بكر بن الحارث الفقيه قالا: ثنا علي بن عمر الحافظ، ثنا الحسين بن إسماعيل، ثنا أبو هشام، ثنا أبو بكر بن عياش، ثنا أبو حصين عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه قال: حججت مع أبي بكر رضي الله عنه فجرد، ومع عمر رضي الله عنه فجرد، ومع عثمان رضي الله عنه فجرد.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران، أنبأ إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا عبد الكريم بن الهيثم، ثنا أبو اليمان، أخبرني شعيب، أنبأ نافع: أن ابن عمر كان يقول: إن عمر رضي الله عنه كان يقول: أن تفصلوا بين الحج والعمرة، وتجعلوا العمرة في غير أشهر الحج أتمم لحج أحدكم، وأتم لعمرته انتهى منه.
ثم ساق البيهقي بسنده عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي بن أبي طالب رضي


الصفحة التالية
Icon