فيقتضي استمرار الإحرام إلى فراغ الحج، وأن سنة رسول الله ﷺ أيضاً دالة على ذلك، لأنه لم يحل، حتى بلغ الهدي محله، لكن الجواب عن ذلك: هو ما أجاب به هو ﷺ حيث قال: "ولولا أن معي الهدي لأحللت" فدل على جواز الإحلال لمن لم يكن معه هدي، وتبين من مجموع ما جاء عن عمر أنه منع منه سداً للذريعة، وقال المازري: قيل: إن المتعة التي نهى عنها عمر: فسخ الحج إلى العمرة، وقيل: العمرة في أشهر الحج، ثم الحج من عامه. وعلى الثاني: إنما نهى عنها ترغيباً في الإفراد الذي هو أفضل، لا أنه يعتقد بطلانها وتحريمها. وقال عياض: الظاهر أنه نهى عن الفسخ، ولهذا كان يضرب الناس عليه، كما رواه مسلم بناء على معتقده: أن الفسخ كان خاصاً بتلك السنة.
قال النووي: والمختار أنه نهى عن المتعة المعروفة التي هي الاعتمار في أشهر الحج ثم الحج من عامه، وهو على التنزيه للترغيب في الإفراد، كما يظهر من كلامه، ثم انعقد الإجماع على جواز التمتع من غير كراهة، وبقي الاختلاف في الأفضل انتهى الغرض من كلام ابن حجر في الفتح وهو واضح في أن عمر رضي الله عنه ما كان يرى إلا تفضيل الإفراد على غيره، وشاهد لصحة قول من قال: إنه حج بالناس عشر حجج مفرداً، وقال مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه: حدثنا محمد بن المثنى، وابن بشار، قال ابن المثنى: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة قال: سمعت قتادة يحدث، عن أبي نضرة قال: كان ابن عباس يأمر بالمتعة، وكان ابن الزبير ينهى عنها قال: فذكرت ذلك لجابر بن عبد الله فقال: على يدي دار الحديث: تمتعنا مع رسول الله ﷺ فلما قام عمر قال: إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء، وإن القرآن قد نزل منازِلَهُ. فأتموا الحج والعمرة لله كما أمركم الله وأبتوا نكاح هذه النساء، فلن أوتي برجل نكح امرأة إلى أجل إلا رجمته بالحجارة، وحدثنيه زهير بن حرب، حدثنا عفان، حدثنا هَمَّامٌ، حدثنا قتادة بهذا الإسناد وقال في الحديث. فافصلوا حجكم من عمرتكم فإنه أتم لحجكم، وأتم لعمرتكم ا هـ منه.
وهو دليل على ما ذكرنا من أن عمر رضي الله عنه: يرى أن الإفراد أفضل، ويدل على صدق من قال: إنه حج عشر حجج بالناس مفرداً كما تقدم.
وقال البخاري رحمه الله في صحيحه: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا غُندَرٌ، حدثنا شُعبة، عن الحَكم، عن علي بن حُسين، عن مروان بن الحَكم قال: شهدت عثمان، وعلياً رضي الله عنهما، وعثمان ينهي عن المتعة، وأن يجمع بينهما الحديث. وفيه


الصفحة التالية
Icon