الحصى مع كراهة ذلك عند بعض أهل العلم، وقول بعضهم: بعدم الإجزاء والأقرب أنه لو رمى بحصاة قد رمى بها أنها تجزئه، لصدق اسم الرمي عليها، وعدم النص على منع ذلك، ولا على عدم إجزائه ولكن الأحوط في الجميع الخروج من الخلاف، كما قال بعضهم:
وأن الأورع الذي يخرج من
خلافهم ولو ضعيفاً فاستبن
وفي كتب الفروع هنا أشياء تركناها لكثرتها.
تنبيه
اعلم أن العلماء اختلفوا في المعنى الذي منه الجمرة، فقال بعض أهل العلم: الجمرة في اللغة: الحصاة، وسميت الجمرة التي هي موضع الرمي بذلك، لأنها المحل الذي يرمى فيه بالحصى، وعلى هذا فهو من تسمية الشيء باسم ما يحل فيه، وهو أسلوب عربي معروف، وهو عند البلاغيين من نوع ما يسمونه المجاز المرسل، والتجمير رمي الحصى في الجمار ومنه قول بن أبي ربيعة:
بدَا لِي منها معصمٌ يوم جَمَّرت
وكفٌّ خضيبٌ زُيِّنت ببنانِ
فوالله ما أدري وإني لحاسب
بسبع رميتَ الجمرَ أم بثمانِ
والمجمر بصيغة اسم المفعول مضعفاً: هو الموضع الذي ترمى فيه الجمار، ومنه قول حذيفة بن أنس الهذلي:
لأدركهم شُعْث النواصي كأنهم
سوابقُ حجَّاج تُوافِي المجمَّرا
وقال بعض أهل العلم: أصل الجمرة من التجمر بمعنى التجمع، تقول العرب: تجمَّر القوم، إذا اجتمعوا، وانضم بعضهم إلى بعض، وجمرهم الأمر: أحوجهم إلى التجمر، وهو التجمع، وجمر الشيء: جمعه، وجمر الأمير الجيش، إذا أطال حبسهم مجتمعين بالثغر، ولم يأذن لهم في الرجوع والتفرق، وروى الربيع: أن الشافعي أنشده في ذلك قول الشاعر: