وقد قال ابن قدامة في المغني في ترجيح القول بأنه ليس منها: ما نصه: ولنا أن النَّبي ﷺ نهى عن الأكل من النسك، فوق ثلاث وغير جائز أن يكون الذبح مشروعاً في وقت يحرم فيه الأكل، ثم نسخ تحريم الأكل، وبقي وقت الذبح بحاله، ولأن اليوم الرابع: لا يجب فيه الرمي، فلم يجز فيه الذبح كالذي بعده.
ومما رجح به بعضهم أن اليوم الرابع منها: أنه يؤدي فيه بعض المناسك: وهو الرمي، إذا لم يتعجل فهو كسابقيه من أيام التشريق، والعلم عند الله تعالى.
ومما يوضح أن الأيام المعلومات، هي: أيام النحر، سواء قلنا إنها ثلاثة، أو أربعة: أن الله نص على أنها هي التي يذكر فيها اسم الله: أي عند التذكية، على ما رزقهم من بهيمة الأنعام، كما قدمنا إيضاحه.
وإذا عرفت كلام أهل العلم في الأيام المعلومات، التي هي زمن الذبح.
فاعلم: أن العلماء اختلفوا في ليالها، هل يجوز فيها الذبح؟ فذهب مالك، وأصحابه: إلى أنه لا يجوز ذبح النسك ليلاً، فإن ذبحه ليلاً لم يجز، وتصير شاة لحم لا نسك، وهو رواية عن أحمد، وهي ظاهر كلام الخرقي. وذهب الشافعي، وأصحابه: إلى جواز الذبح ليلاً قال النووي: وبه قال أبو حنيفة، وإسحاق، وأبو ثور والجمهور وهو الأصح عن أحمد.
وحجة من قال لا يجوز الذبح ليلاً: أن الله خصصه بلفظ الأيام في قوله ﴿فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ﴾ قالوا: وذكر اليوم يدل على أن الليل ليس كذلك.
وحجة من أجازه: أن الأيام تطلق لغة على ما يشمل الليالي، وتخصيصه بالأيام أحوط، لمطابقة لفظ القرآن والعلم عند الله تعالى.
وإذا علمت وقت نحر الهدي وأن الهدي نوعان: واجب، وغير واجب، وهو هدي التطوع، فهذه تفاصيل أحكام كل منهما.
أما الهدي الواجب فهو بالتقسيم الأول نوعان.
أحدهما: هدي واجب بالنذر، وسيأتي الكلام عليه، إن شاء الله في الكلام على قوله تعالى: ﴿وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ﴾ [الحج: ٢٩]. وهدي واجب بغير النذر، وهو أيضاً ينقسم إلى قسمين: