ومنها: قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران: ٣١].
ومن اتباعه التأسي به في فعله، قالوا: وصيغة الأمر في قوله ﴿فَاتَّبِعُونِي﴾ للوجوب.
ومنها: أن الصحابة لما اختلفوا، في وجوب الغسل من الوطء، بدون إنزال سألوا عائشة، فأخبرتهم أنها هي ورسول الله ﷺ فعلاً ذلك، فاغتسلا فحملوا ذلك الفعل الذي هو الغسل، من الوطء، بدون إنزال على الوجوب.
ومنها: أنه ﷺ لما خلع نعليه في الصلاة، خلعوا نعالهم، فلما سألهم: لم خلعوا نعالهم؟ قالوا: رأيناك خلعت نعليك، فخلعنا نعالنا، فحملوا مطلق فعله على الوجوب، فخلعوا لما خلع، وأقرهم ﷺ على ذلك قالوا: فلو كان الفعل الذي لم يعلم حكمه لا يدل على الوجوب، لبين لهم أنه لا يلزم من خلعه، أن يخلعوا، ولكنه أقرهم على خلع نعالهم، وأخبرهم أن جبريل أخبره: أَن في باطنهما قذراً والقصة في ذلك ثابتة من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عند أحمد، وأبي داود، والحاكم وغيرهم. وقال النووي في شرح المهذب في هذا الحديث: رواه أبو داود بإسناد صحيح، ورواه الحاكم في المستدرك. وقال: هو صحيح على شرط مسلم، وقال الشوكاني في نيل الأوطار في شرحه لحديث أبي سعيد المذكور في المنتقى بعد أن قال المجد في المنتقى: رواه أحمد وأبو داود اهـ الحديث: أخرجه أيضاً الحاكم، وابن خزيمة، وابن حبان واختلف في وصله وإرساله ورجح أبو حاتم في العلل الموصول، ورواه الحاكم من حديث أنس، وابن مسعود إلى آخر كلامه. ومعلوم أن المخالفين القائلين: بأن الفعل الذي لم يكن بياناً لمجمل، ولم يعلم حكمه من وجوب لا يحمل على الوجوب، بل على الندب، أو الإباحة إلى آخر أقوالهم ناقشوا الأدلة التي ذكرنا مناقشة معروفة في الأصول قالوا قوله: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ أي ما أمركم به بدليل قوله: ﴿وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ فهي في الأمر، والنهي لا في مطلق الفعل، ولا يخفي أن تخصيص: وما آتاكم، بالأمر تخصيص لا دليل عليه، وذكر النهي بعده لا يعينه وقالوا ﴿إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي﴾ إنما يكون الاتباع واجباً فيما علم أنه واجب، أما إذا كان فعله مندوباً فالاتباع فيه مندوب، ولا يتعين أن الفعل واجب، على الأمة بالاتباع إلا إذا علم أنه صلى الله عليه وسلم، فعله على سبيل الوجوب. أما لو كان فعله على سبيل الندب وفعلته الأمة على