والظاهر أن جميع أقوال أهل العلم في قوله ﴿خَلْقاً آخَرَ﴾ [المؤمنون: ١٤] أنه صار بشرا سويا بعد أن كان نطفة، ومضغة، وعلقة، وعظاما كما هو واضح.
مسألة
وقد استدل بهذه الآية الإمام أبو حنيفة رحمه الله، على أن من غصب بيضة، فأفرخت عنه أنه يضمن البيضة، ولا يرد الفرخ، لأن الفرخ خلق آخر سوى البيضة، فهو غير ما غصب، وإنما يرد الغاصب ما غصب. وهذا الاستدلال له وجه من النظر، والعلم عند الله تعالى.
وقوله تعالى في هذه الآية: ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ [المؤمنون: ١٤] وقوله ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ﴾ قال أبو حيان في البحر المحيط: تبارك: فعل ماض لا ينصرف، ومعناه: تعالى وتقدس. اهـ منه.
وقوله في هذه الآية ﴿أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ أي المقدرين والعرب تطلق الخلق وتريد التقدير. ومنه قول زهير:
ولأنت تفري ما خلقت وبعـ | ـض القوم يخلق ثم لا يفري |
وقد قدمنا بإيضاح في أول سورة الحج وغيرها أن المفرد إن كان اسم جنس، قد تطلقه العرب، وتريد به معنى الجمع. وأكثرنا من أمثلته في القرآن، وكلام العرب مع تعريفه وتنكيره وإضافته، فأغنى ذلك عن إعادته هنا.