بينهم من الحقوق، لقنوطهم من الإعطاء، ولو كان المسؤول أبا أو ابنا أو أما أو زوجة، ذكر هذه الأوجه الثلاثة صاحب الإتقان.
قوله تعالى: ﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ﴾.
قد قدمنا الآيات الموضحة، لمعنى هاتين الآيتين في سورة الأعراف في الكلام على قوله: ﴿وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ﴾ [الأعراف: ٨-٩]. وقوله في سورة الكهف: ﴿فَلا نُقِيمُ لَهُمْ﴾ [الكهف: ١٠٥] وغير ذلك. فأغنى ذلك عن إعادته هنا.
قوله تعالى: ﴿تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾.
ما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الكفار ﴿تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ﴾ : أي تحرقها إحراقا شديدا، جاء موضحا في غير هذا الموضع، كقوله تعالى: ﴿يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ﴾ [الأحزاب: ٦٦]. وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ﴾ [النمل: ٩٠]. وقوله تعالى: ﴿لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ﴾ [الانبياء: ٣٩] وقوله تعالى: ﴿سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ﴾ [ابراهيم: ٥٠]. وقوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الزمر: ٢٤] وقوله: ﴿يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ﴾ [الكهف: ٢٩]. إلى غير ذلك من الآيات.
وقوله: ﴿وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾ [المؤمنون: ١٠٤].
الكالح: هو الذي تقلصت شفتاه حتى بدت أسنانه، والنار والعياذ بالله تحرق شفاههم، حتى تتقلص عن أسنانهم، كما يشاهد مثله في رأس الشاة المشوي في نار شديدة الحر، ومنه قول الأعشى:

وله المقدم لا مثل له ساعة الشدق عن الناب كلح
وعن ابن عباس: ﴿كَالِحُونَ﴾ : عابسون.
قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ. قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ﴾.


الصفحة التالية
Icon