أي عن الإسلام إلى الكفر، وعن طريق الجنة إلى طريق النار، وقرأ هذا الحرف: حمزة، والكسائي: شقاوتنا بفتح الشين، والقاف وألف بعدها، وقرأه الباقون: بكسر الشين، وإسكان القاف وحذف الألف.
قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ. قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ﴾.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن أهل النار يدعون ربهم فيها فيقولون: ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا﴾ إلى ما لا يرضيك بعد إخراجنا منها، فإنا ظالمون، وأن الله يجيبهم بقوله: ﴿قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ﴾ أي امكثوا فيها خاسئين: أي أذلاء صاغرين حقيرين، لأن لفظة أخسأ إنما تقال للحقير الذليل، كالكلب ونحوه. فقوله: ﴿اخْسَأُوا فِيهَا﴾ أي ذلوا فيها ماكثين في الصغار والهوان.
وهذا الخروج من النار الذي طلبوه قد بين تعالى أنهم لا ينالونه كقوله تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾ [المائدة: ٣٧] وقوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ﴾ [البقرة: ١٦٧] وقوله تعالى: ﴿كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا﴾ [الحج: ٢٢]، وقوله تعالى: ﴿كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا﴾ [السجدة: ٢٠] إلى غير ذلك من الآيات.
وقد جاء في القرآن أجوبة متعددة لطلب أهل النار فهنا قالوا: ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا﴾ فأجيبوا ﴿اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ﴾ وفي السجدة ﴿رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً﴾ [السجدة: ١٢] فأجيبوا ﴿وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ﴾ [السجدة: ١٣]، وفي سورة المؤمن ﴿قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ﴾ [غافر: ١١]
فأجيبوا ﴿ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ﴾ [غافر: ١٢] وفي الزخرف ﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ [الزخرف: ٧٧] فأجيبوا ﴿إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ﴾ [الزخرف: ٧٧] وفي سورة إبراهيم ﴿فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ﴾ [ابراهيم: ٤٤] فيجابون ﴿أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ﴾ [ابراهيم: ٤٤] وفي سورة فاطر ﴿وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ﴾ [فاطر: ٣٧] فيجابون {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا


الصفحة التالية
Icon