مسائل تتعلق بهذه الآية الكريمة
المسألة الأولى: اعلم أن رجم الزانيين المحصنين دلت عليه آيتان من كتاب الله، إحداهما نسخت تلاوتها، وبقي حكمها. والثانية: باقية التلاوة والحكم، أما التي نسخت تلاوتها، وبقي حكمها فهي قوله تعالى: "الشيخ والشيخة" إلى آخرها؛ كما سيأتي. وكون الرجم ثابتا بالقرءان ثابت في الصحيح.
قال البخاري رحمه الله في صحيحه: في باب رجم الحبلى من الزنى إذا أحصنت:
حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، حدثني إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس قال: كنت أقرىء رجالا من المهاجرين منهم: عبد الرحمان بن عوف، فبينما أنا في منزله بمنى، وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها، إذ رجع إلى عبد الرحمان، فقال: لو رأيت رجلا أتى أمير المؤمنين اليوم، فقال: يا أمير المؤمنين، هل لك في فلان يقول: لو قد مات عمر لقد بايعت فلانا فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت، فغضب عمر ثم قال: إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم، الحديث بطوله.
وفيه: إن الله بعث محمدا ﷺ بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل الله آية الرجم، فقرأناها، وعقلناها، ووعيناها، رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، والرجم في كتاب الله حق على من زنى، إذا أحصن من الرجال والنساء، إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف، انتهى محل الغرض من صحيح البخاري.
وفيه: أن الرجم نزل في القرءان في آية من كتاب الله، وكونها لم تقرأ في الصحف، يدل على نسخ تلاوتها، مع بقاء حكمها؛ كما هو ثابت في الحديث المذكور.
وفي رواية في البخاري من حديث عمر رضي الله عنه: لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل: لا نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حق على من زنى، وقد أحصن إذا قامت البينة، أو كان الحمل، أو الاعتراف.
قال سفيان: كذا حفظت: ألا وقد رجم رسول الله ﷺ ورجمنا بعده.