رحمه الله في صحيحه أيضاً بعد أن ساق حديثه، بتلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن ابن عمر من رواية ابنه سالم رضي الله عنه، وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يُهِلُّ بإهلال رسول الله ﷺ من هؤلاء الكلمات ويقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك وسعديك، والخير في يديك والرغباء إليك والعمل. ا هـ.
وقال ابن حجر في الفتح بعد أن ذكر الرواية عن عمر وابنه عبد الله، فعرف أن ابن عمر اقتدى في ذلك بأبيه اهـ.
ومعلوم أن الزيادة على تلبية النَّبي صلى الله عليه وسلم، لو كان فيها محذور، لما فعلها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وابنه عبد الله رضي الله عنهما.
الوجه الثاني: هو ما ثبت في صحيح مسلم في حديث جابر الطويل، فإن فيه ما نصه: فأهل بالتوحيد: "لبيك اللَّهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك"، وأهل الناس بهذا الذي يهلون به فلم يَردَّ رسول الله ﷺ عليهم شيئاً منه. انتهى محل الغرض من حديث جابر المذكور، وهو واضح في أنهم يزيدون على تلبيته صلى الله عليه وسلم، ويقرهم على ذلك، ولم ينكره عليهم كما ترى.
وأما أول وقتها: فأظهر أقوال أهل العلم فيه: أنه أول الوقت، الذي يركب فيه مركوبه عند إرادة ابتداء السير لصحة الأحاديث الواردة، بأنه ﷺ أهل حين استوت به راحلته.
قال البخاري في صحيحه: باب من أهل حين استوت به راحلته قائمة: حدثنا أبو عاصم، أخبرنا ابن جريج، قال أخبرني صالح بن كيسان، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما: قال: أهَلَّ رسول الله ﷺ حين استوت به راحلته قائمةً: باب الإهلال مُستقبل القِبلة، وقال أبو مَعْمَرٍ: حدثنا عبد الوارث، حدثنا أيوب، عن نافع، قال: كان ابن عمر رضي الله عنهما: إذا صلى بالغداة بذي الحُلَيْفَةِ، أمَرَ براحلته فَرحِلَتْ، ثم ركب، فإذا استوت به استقبل القبلة قائماً، ثم يُلَبي حتى يَبلُغَ الحرم، ثم يُمسكُ، حتى إذا جاء ذا طُوًى بات به، حتى يصبح، فإذا صلى الغداة اغتَسَلَ، وزَعَمَ أن رسول الله ﷺ فعل ذلك. تابعه إسماعيل عن أيوب في الغَسْلِ: حدثنا سليمان بن داود أبو الربيع، حدثنا فُلَيْحٌ، عن نافع قال: كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا أراد الخروج إلى مكة ادَّهَنَ بِدُهْنٍ، ليس له رائحة طيبة، ثم يأتي مسجد الحُلَيفة، فيصلي ثم يَركَبُ، وإذا استوت به راحلتُهُ قائمة أحرم، ثم قال: هكذا رأيت النَّبي ﷺ يفعل. انتهى من صحيح البخاري.