يكون العقد، اهـ. وإنما سموا عقد التزويج نكاحا؛ لأنه سبب النكاح أي الوطء، وإطلاق المسبب، وإرادة سببه معروف في القرءان، وفي كلام العرب، وهو مما يسميه القائلون بالمجاز، المجاز المرسل، كما هو معلوم عندهم في محله، ومن إطلاق العرب النكاح على الوطء، قول الفرزدق:
وذات حليل أنكحتها رماحنا | حلال لمن يبنى بها لم تطلق |
وبنت كريم قد نكحنا ولم يكن | لها خاطب إلا السنان وعامله |
وقوله:
إذا سقى الله قوما صوب غادية | فلا سقى الله أهل الكوفة المطرا |
التاركين على طهر نساءهم | والناكحين بشطي دجلة البقرا |
قالوا: ومما يدل على أن النكاح في الآية غير التزويج، أنه لو كان معنى النكاح فيها التزويج لوجب حد المتزوج بزانية؛ لأن زان، والزاني يجب حده. وقد أجمع العلماء على أن من تزوج زانية لا يحد حد الزنى، ولو كان زانيا لحد حد الزنى. فافهم، هذا هو حاصل حجج من قالوا إن النكاح في الآية الوطء، وأن تزويج العفيف الزانية ليس بحرام، كعكسه.
وقالت جماعة أخرى من أهل العلم: لا يجوز تزويج الزاني لعفيفة ولا عكسه، وهو مذهب الإمام أحمد، وقد روي عن الحسن وقتادة، واستدل أهل هذا القول بآيات وأحاديث.
فمن الآيات التي استدلوا بها هذه الآية التي نحن بصددها، وهي قوله تعالى: ﴿الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: ٣]، قالوا: المراد بالنكاح في هذه الآية: التزويج، وقد نص الله على