والعلم عند الله تعالى. ولنكتف بما ذكرنا من أحكام هذه الآية.
قوله تعالى: ﴿وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ﴾.
قوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ﴾، معنى: ﴿وَيَدْرَأُ﴾ : يدفعوا، والمراد بالعذاب هنا: الحد، والمصدر المنسبك من أن وصلتها في قوله: ﴿أَنْ تَشْهَدَ﴾ فاعل يدرأ، أي: يدفع عنها الحد شهادتها ﴿أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ﴾.
والدليل على أن المراد بالعذاب في قوله: ﴿وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ﴾، الحد من أوجه:
الأول : منها سياق الآية، فهو يدل على أن العذاب الذي تدرؤه عنها شهاداتها هو الحد.
والثاني : أنه أطلق اسم العذاب في مواضع أخر، على الحد مع دلالة السياق فيها على أن المراد بالعذاب فيها الحد؛ كقوله تعالى في هذه السورة الكريمة: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: ٢]، فقوله: ﴿وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا﴾، أي: حدهما بلا نزاع. وذلك قوله تعالى في الإماء: ﴿فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ [النساء: ٢٥]، أي: نصف ما على الحرائر من الجلد.
وهذه الآية تدل على أن الزوج إذا رمى زوجته وشهد شهاداته الخمس المبينة في الآية أن المرأة يتوجه عليها الحد بشهاداته، وأن ذلك الحد المتوجه إليها بشهادات الزوج تدفعه عنها شهاداتها هي الموضحة في الآية.
ومفهوم مخالفة الآية يدل على أنها لو نكلت عن شهاداتها، لزمها الحد بسبب نكولها مع شهادات الزوج، وهذا هو الظاهر الذي لا ينبغي العدول عنه، فشهادات الزوج القاذف تدرأ عنه هو حد القذف، وتوجه إليها هي حد الزنى، وتدفعه عنه شهاداتها.
وظاهر القرءان أيضا أنه لو قذف زوجته وامتنع من اللعان أنه يحد حد القذف، فكل من امتنع من الزوجين من الشهادات الخمس وجب عليه الحد، وهذا هو الظاهر من الآيات