بِاللَّهِ} ؛ لأن لفظة بالله يمين فدل قوله: ﴿بِاللَّهِ﴾ على أن المراد بالشهادة اليمين للتصريح بنص اليمين، فقوله: أشهد بالله في معنى: أقسم بالله.
الثاني : أن القرءان جاء فيه إطلاق الشهادة وإرادة اليمين في قوله: ﴿فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا﴾ [المائدة: ١٠٧]، ثم بين أن المراد بتلك الشهادة اليمين في قوله: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ [المائدة: ١٠٨]، فقوله: ﴿أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾، دليل على أن المراد بلفظ الشهادة في الآية اليمين، وهو واضح كما ترى.
وقال القرطبي: ومنه قوله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ﴾ [المنافقون: ١]؛ لأن قوله تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً﴾ [المنافقون: ٢]، يدل على أن المراد بشهادتهم الأيمان، هكذا قال، ولا يتعين عندي ما ذكره من الاستدلال بهذه الآية، والعلم عند الله تعالى.
الثالث : ما قاله ابن العربي، قال: والفيصل أنها يمين لا شهادة، أن الزوج يحلف لنفسه في إثبات دعواه وتخليصه من العذاب، وكيف يجوز لأحد أن يدعي في الشريعة أن شاهدا يشهد لنفسه بما يوجب حكما على غيره هذا بعيد في الأصل، معدوم في النظر، اهـ منه بواسطة نقل القرطبي.
وحاصل استدلاله هذا: أن استقراء الشريعة استقراء تاما، يدل على أنه لم يوجد فيها شهادة إنسان لنفسه بما يوجب حكما على غيره، وهو استدلال قوي؛ لأن المقرر في الأصول أن الاستقراء التام حجة؛ كما أوضحناه مرارا، ودعوى الحنفية ومن وافقهم أن الزوج غير متهم لا يسوغ شهادته لنفسه؛ لإطلاق ظواهر النصوص في عدم قبول شهادة الإنسان لنفسه مطلقا.
الرابع : ما جاء في بعض روايات حديث اللعان أنه ﷺ قال لما جاءت الملاعنة بالولد شبيها بالذي رميت به: "لولا الأيمان لكان لي ولها شأن"، عند أحمد وأبي داود، وقد سمى ﷺ في هذه الرواية شهادات اللعان أيمانا، وفي إسناد الرواية المذكور عباد بن منصور، تكلم فيه غير واحد، ويقال: إنه كان قدريا إلى غير ذلك من أدلتهم.
وأما الذين قالوا: إنها شهادات لا أيمان، فاحتجوا بأن الله سماها شهادات في قوله:


الصفحة التالية
Icon