الزوجة، وذكرنا ما يظهر لنا أنه أظهر الأقوال في ذلك، وأقوال العلماء، وفائدة لعانه أن يدفع عنه حد القذف، وكون الرجعية كالزوجة قبل انقضاء العدة فيتوارثان، ولا يجوز له تزوج أختها، قبل انقضاء العدة، ولا تزويج رابعة غيرها؛ لأنها تكون كالخامسة نظرا إلى أن الرجعية كالزوجة، يقتضي أن يقول بلعان الرجعية قبل انقضاء العدة له وجه من النظر، وقد رأيت كثرة من قال به من أهل العلم، ووجه القول بعدمه أنه لما طلقها عالما بزناها في زعمه، دل ذلك على أنه تارك للعان، وينبني على الخلاف المذكور، ما لو ادعى أنها زنت بعد الطلاق الرجعي، وقبل انقضاء العدة، هل يحكم عليه بأنه قاذف؛ لأنه رماها بزنى واقع بعد الفراق أو له أن يلاعنها لنفي الحد عنه بناء على أن الرجعية في حكم الزوجة.
أما إن قذفها قبل أن يطلقها ثم طلقها بعد القذف، فالأظهر أن له لعانها مطلقا، ولو كان الطلاق بائنا؛ لأن القذف وقع وهي زوجة غير مطلقة، وروي ذلك عن ابن عباس، وبه قال الحسن، والقاسم بن محمد، ومكحول، ومالك، والشافعي، وأبو عبيد، وأبو ثور، وابن المنذر، وقال الحارث العكلي، وجابر بن زيد، وقتادة والحكم: يجلد. وقال حماد بن أبي سليمان وأصحاب الرأي: لا حد ولا لعان؛ لأن اللعان إنما يكون بين الزوجين وليس هذان بزوجين، ولا يحد؛ لأنه لم يقذف أجنبية.
المسألة العاشرة: اعلم أن أظهر أقوال أهل العلم عندي فيمن ظهر بامرأته حمل، وهو قائل إنه ليس منه إذا سكت عن نفي ذلك الحمل حتى وضعته ثم قال إنه إنما سكت عن نفيه مدة الحمل رجاء أن يكون ريحا أو انتفاخا فينفش أو يسقط ميتا، فيستريح بذلك من اللعان أنه يمكن من نفيه بلعان بعد الوضع؛ لأن العذر الذي أبدى وجيه جدير بالقبول، فإن بادر بنفيه فورا عند وضعه، فلا ينبغي أن يختلف في أن له أن ينفيه بلعان، وإن سكت عن نفيه بعد الوضع، ثم أراد أن ينفيه بعد السكوت، فهل له ذلك أو ليس له؟ لأن سكوته بعد الوضع يعد رضى منه بالولد، فلا يمكن من اللعان بعده.
لم أعلم في هذه المسألة نصا من كتاب، ولا سنة، والعلماء مختلفون فيه. قال القرطبي: قد اختلف في ذلك ونحن نقول: إذا لم يكن له عذر في سكوته حتى مضت ثلاثة أيام، فهو راض به وليس له نفيه، وبهذا قال الشافعي، وقال أيضا: متى أمكنه نفيه على ما جرت به العادة من تمكنه من الحاكم، فلم يفعل لم يكن له نفيه من بعد ذلك. وقال أبو حنيفة: لا أعتبر مدة. وقال أبو يوسف، ومحمد: يعتبر فيه أربعون يوما مدة النفاس. قال