مالك بن جعفر المعروف بملاعب الأسنة. وقد قال فيه الشاعر يمدحه، ويذم أخاه الطفيل والد عامر بن الطفيل المشهور:
فررت وأسلمت ابن أمك عامرا | يلاعب أطراف الوشيج المزعزع |
حي على الفلاح؛ كما هو معروف. ومن تاب إلى الله كما أمره الله نال الفلاح بمعنييه، فإنه يفوز بالمطلوب الأعظم وهو الجنة، ورضى الله تعالى، وكذلك ينال البقاء الأبدي في النعيم والسرور، وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أمره جل وعلا لجميع المسلمين بالتوبة، مشيرا إلى أنها تؤدي إلى فلاحهم في قوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾، أوضحه في غير هذا الموضع، وبين أن التوبة التي يمحو الله بها الذنوب، ويكفر بها السيئات، أنها التوبة النصوح، وبين أنها يترتب عليها تكفير السيئات، ودخول الجنة، ولا سيما عند من يقول من أهل العلم: إن عسى من الله واجبة، وله وجه من النظر؛ لأنه عز وجل جواد كريم، رحيم غفور، فإذا أطمع عبده في شىء من فضله، فجوده وكرمه تعالى وسعة رحمته يجعل ذلك الإنسان الذي أطعمه ربه في ذلك الفضل يثق، بأنه ما أطعمه فيه، إلا ليتفضل به عليه.
ومن الآيات التي بينت هذا المعنى هنا، قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [التحريم: ٨]، فقوله في آية "التحريم" هذه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ؛ كقوله في آية "النور": ﴿أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ﴾، لأن من كفرت عنه سيئاته وأدخل الجنة، فقد نال الفلاح بمعنييه. وقوله في آية "التحريم": ﴿تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً﴾ موضح لقوله في "النور": ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً﴾، ونداؤه لهم بوصف الإيمان في الآيتين فيه تهييج لهم، وحث على امتثال الأمر؛ لأن الاتصاف بصفة الإيمان بمعناه الصحيح، يقتضي المسارعة إلى امتثال أمر الله، واجتناب نهيه، والرجاء المفهوم من لفظة عسى في آية "التحريم"، هو المفهوم من لفظة لعل في آية "النور"، كما لا يخفى.
تنبيهات
الأول: التوبة النصوح: هي التوبة الصادقة.
وحاصلها أن يأتي بأركانها الثلاثة على الوجه الصحيح، بأن يقلع عن الذنب إن كان