تعالى: ﴿سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً﴾ [الطلاق: ٧]، وهذا الوعد منه جل وعلا وعد به من اتقاه في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: ٢-٣]، ووعد بالرزق أيضا من يأمر أهله بالصلاة ويصطبر عليها، وذلك في قوله: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾ [طه: ١٣٢]، وقد وعد المستغفرين بالرزق الكثير على لسان نبيه نوح في قوله تعالى عنه: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً﴾ [نوح: ١٠-١٢]، وعلى لسان نبيه هود في قوله تعالى عنه: ﴿وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ﴾ [هود: ٥٢]، وعلى لسان نبينا صلى الله عليه وعليهما جميعا وسلم: ﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً﴾ [هود: ٣].
ومن الآيات الدالة على أن طاعة الله تعالى سبب للرزق، قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ [الأعراف: ٩٦]، ومن بركات السماء المطر، ومن بركات الأرض النبات مما يأكل الناس والأنعام. وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾ [المائدة: ٦٦]، وقوله تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ [النحل: ٩٧]، أي: في الدنيا؛ كما قدمنا إيضاحه في سورة "النحل"، وكما يدل عليه قوله بعده في جزائه في الآخرة: ﴿وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: ٩٧]، وقد قدمنا أنه جل وعلا وعد بالغنى عند التزويج وعند الطلاق.
أما التزويج، ففي قوله هنا: ﴿إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾.
وأما الطلاق ففي قوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ﴾ [النساء: ١٣٠]، والظاهر أن المتزوج الذي وعده الله بالغنى، هو الذي يريد بتزويجه الإعانة على طاعة الله بغض البصر، وحفظ الفرج؛ كما بينه النبي ﷺ في الحديث الصحيح: " يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج" الحديث، وإذا كان قصده بالتزويج طاعة الله بغض البصر وحفظ الفرج، فالوعد بالغنى إنما هو على طاعة الله بذلك.