حدثني بكير بن عبد الله بن الأشج، عن بسر بن سعيد، عن زينب امرأة عبد الله قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا".
حدثنا يحيى بن يحيى وإسحاق بن إبراهيم، قال يحيى: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي فروة، عن يزيد بن حصيفة، عن بسر بن سعيد، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهدن معنا العشاء الآخرة" ا هـ.
فهذا الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن صحابيين، وهما: أبو هريرة، وزينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عن الجميع، صريح في أن المتطيبة ليس لها الخروج إلى المسجد، ويؤيد ذلك ما رواه أبو داود في سننه: حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلات" ا هـ. وقوله: وهن تفلات: أي غير متطيبات. وقال النووي في شرح المهذب. في هذا الحديث رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم. وتفلات بفتح التاء المثناة فوق وكسر الفاء: أي تاركات الطيب ا هـ. ومنه قول امرىء القيس:
إذا ما الضجيع ابتزها من ثيابها | تميل عليه هونة غير متفالى |
وإذا علمت أن هذه الأحاديث دلت على أن المتطيبة ليس لها الخروج إلى المسجد، لأنها تحرك شهوة الرجال بريح طيبها.
فاعلم أن أهل العلم ألحقوا بالطيب ما في معناه كالزينة الظاهرة، وصوت الخلخال والثياب الفاخرة، والاختلاط بالرجال، ونحو ذلك بجامع أن الجميع سبب الفتنة بتحريك شهوة الرجال، ووجهه ظاهر كما ترى. وألحق الشافعية بذلك الشابة مطلقا، لأن الشاب مظنة الفتنة، وخصصوا الخروج إلى المساجد بالعجائز. والأظهر أن الشابة إذا خرجت مستترة غير متطيبة، ولا متلبسة بشيء آخر من أسباب الفتنة أن لها الخروج إلى المسجد لعموم النصوص المتقدمة. والعلم عند الله تعالى.