الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ} [آل عمران: ١٩]، وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: ٨٥]، وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ﴾ [النور: ٥٥]، قال الزمخشري: تمكينه هو تثبيته وتوطيده.
قوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾.
هذه الآية الكريمة تدل على أن إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وطاعة الرسول ﷺ لرحمة الله تعالى، سواء قلنا إن لعل في قوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾، حرف تعليل أو ترج؛ لأنها إن قلنا: إنها حرف تعليل فإقامة الصلاة وما عطف عليه سبب لرحمة الله؛ لأن العلل أسباب شرعية، وإن قلنا: إن لعل للترجي، أي: أقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة على رجائكم أن الله يرحمكم بذلك، لأن الله ما أطمعهم بتلك الرحمة عند علمهم بموجبها إلا ليرحمهم لما هو معلوم من فضله وكرمه، وكون لعل هنا للترجي، إنما هو بحسب علم المخلوقين؛ كما أوضحناه في غير هذا الموضع. وهذا الذي دلت عليه هذه الآية من أنهم إن أقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وأطاعوا الرسول رحمهم الله بذلك جاء موضحا في آية أخرى، وهي قوله تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ﴾ [التوبة: ٧١]، وقوله تعالى في هذه الآية: ﴿وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾، بعد قوله: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ من عطف العام على الخاص؛ لأن إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، داخلان في عموم قوله: ﴿وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾، وقد قدمنا مرارا أن عطف العام على الخاص وعكسه كلاهما من الإطناب المقبول إذا كان في الخاص مزية ليست في غيره من أفراد العام.
قوله تعالى: ﴿لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ﴾.
نهى الله نبيه محمدا ﷺ أن يحسب، أي: يظن الذين كفروا معجزين في الأرض، ومفعول ﴿مُعْجِزِينَ﴾ محذوف، أي: لا يظنهم معجزين ربهم، بل قادر على عذابهم لا يعجز عن فعل ما أراد بهم؛ لأنه قادر على كل شىء.
وما دلت عليه هذه الآية الكريمة جاء مبينا في آيات أخر؛ كقوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ﴾ [التوبة: ٢]، وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [التوبة: ٣]، وقوله تعالى: