تعالى: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ. الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ. وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ. إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الشعراء: ٢١٧-٢٢٠]}، وقوله تعالى: ﴿سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾ [الرعد: ١٠]، وقوله تعالى: ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [الملك: ١٣]، وقوله تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [الأنعام: ٥٩]، وقوله تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [هود: ٦]، وقوله تعالى: ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك: ١٤]، إلى غير ذلك من الآيات.
وفي هذه الآيات وما في معناها أحسن وعد للمطيعين، وأشد وعيد للعصاة المجرمين، ولفظة ﴿قَدْ﴾ في قوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ﴾ [النور: ٦٤] للتحقيق، وإتيان ﴿قَدْ﴾ للتحقيق مع المضارع كثير جدا في القرءان العظيم؛ كقوله تعالى: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً﴾ [النور: ٦٣]، وقوله تعالى: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ﴾ [الأحزاب: ١٨]، وقوله تعالى: ﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ﴾ [الأنعام: ٣٣]، وقوله تعالى: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾ [البقرة: ١٤٤].
وقوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.
قوله تعالى في هذه الآية: ﴿وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ﴾، الظاهر أنه ليس بظرف، بل هو معطوف على المفعول به الذي هو ﴿مَا﴾، من قوله: ﴿قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ﴾، أي: ويعلم يوم يرجعون إليه، وقد ذكر الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه يوم القيامة ينبىء الخلائق بكل ما عملوا، أي: يخبرهم به ثم يجازيهم عليه.
وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من كونه جل وعلا يخبرهم يوم القيامة بما عملوا جاء موضحا في آيات كثيرة؛ كقوله تعالى: ﴿يُنَبَّأُ الْأِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾ [القيامة: ١٣]، وقوله تعالى: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً﴾ [الكهف: ٤٩]، والآيات بمثل ذلك كثيرة، والعلم عند الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon