الحرفين المختلفي اللفظ، العاملين في قوله: فأصبحن لا يسألنني عن بما به، والمتفقي اللفظ العاملين في قوله:
ولا للما بهم أبدا دواء
وجاز ذلك، وإن عدوه ضرورة أو قليلاً، فاجتماع غير العاملين وهما مختلفا اللفظ يكون جائزًا، وليس يا في قوله:
يا لعنة اللَّه والأقوام كلّهم
حرف نداء عندي، بل حرف تنبيه جاء بعده المبتدأ، وليس مما حذف منه المنادى، لما ذكرناه". انتهى الغرض من كلام أبي حيان، وما اختاره له وجه من النظر.
قال مقيّده ـ عفا اللَّه عنه وغفر له ـ : وممّا له وجه من النظر عندي في قراءة الكسائي، أن يكون قوله: يا اسجدوا فعل مضارع حذفت منه نون الرفع، بلا ناصب، ولا جازم، ولا نون توكيد، ولا نون وقاية.
وقد قال بعض أهل العلم: إن حذفها لا لموجب، مما ذكر لغة صحيحة.
قال النووي في "شرح مسلم"، في الجزء السابع عشر في صفحة ٧٠٢، ما نصّه: "قوله: يا رسول اللَّه ﷺ كيف يسمعوا وأنّى يجيبوا وقد جيفوا، كذا هو في عامة النسخ، كيف يسمعوا، وأنّى يجيبوا من غير نون، وهي لغة صحيحة، وإن كانت قليلة الاستعمال، وسبق بيانها مرّات. ومنها الحديث السابق في "الإيمان" :"لا تدخلوا الجنّة حتّى تؤمنوا" "، انتهى منه. وعلى أن حذف نون الرفع لغة صحيحة، فلا مانع من أن يكون قوله تعالى: ﴿يَسْجُدُوا﴾، في قراءة الكسائي فعل مضارع، ولا شكّ أن هذا له وجه من النظر، وقد اقتصرنا في سورة "الحجر"، على أن حذفها مقصور على السماع، وذكرنا بعد شواهده، والعلم عند اللَّه تعالى.
تنبيهان
الأول : اعلم أن التحقيق أن آية "النمل" هذه، محل سجدة على كلتا القراءتين؛ لأن قراءة الكسائي فيها الأمر بالسجود، وقراءة الجمهور فيها ذمّ تارك السجود وتوبيخه، وبه تعلم أن قول الزجاج ومن وافقه أنها ليست محل سجدة على قراءة الجمهور، وإنما هي


الصفحة التالية
Icon