آخرهم حتى يجتمعوا، ثم يدفعون جميعًا، كما قاله غير واحد.
قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْماً أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة: "أي يسألون عن اعتقادهم وأعمالهم، ومقصوده بسؤالهم عن اعتقادهم قوله تعالى: ﴿أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي﴾، لأن التصديق بآيات اللَّه التي هي هذا القرءان من عقائد الإيمان التي لا بدّ منها، كما هو معلوم في حديث جبريل وغيره، ومقصوده بسؤالهم عن أعمالهم قوله تعالى: ﴿أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾، والسؤال المذكور سؤال توبيخ وتقريع، فقد وبّخهم تعالى فيه على فساد الاعتقاد، وفساد الأعمال، والتوبيخ عليهما معًا المذكور هنا جاء مثله في قوله تعالى: ﴿فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى﴾، كما أشار له ابن كثير رحمه اللَّه، فقوله تعالى: ﴿فَلا صَدَّقَ﴾، وقوله: ﴿وَلَكِنْ كَذَّبَ﴾، توبيخ على فساد الاعتقاد. وقوله: ﴿وَلا صَلَّى﴾ : توبيخ على إضاعة العمل.
قوله تعالى: ﴿وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ﴾.
الظاهر أن القول الذي وقع عليهم هو كلمة العذاب، كما يوضحه قوله تعالى: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾، ونحو ذلك من الآيات.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ﴾، ظاهره أن الكفار لا ينطقون يوم القيامة؛ كما يفهم ذلك من قوله تعالى: ﴿هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ * وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ﴾، وقوله تعالى: ﴿نَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً﴾، مع أنه بيّنت آيات أُخر من كتاب اللَّه أنهم ينطقون يوم القيامة ويعتذرون؛ كقوله تعالى عنهم: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾، وقوله تعالى عنهم: ﴿فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ﴾، وقوله: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً﴾، وقوله تعالى عنهم: ﴿رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾، وقوله تعالى: {وَنَادَوْا يَا


الصفحة التالية
Icon