وعلا هو الذي يهدي من يشاء هداه، وهو أعلم بالمهتدين.
وهذا المعنى الذي دلّت عليه هذه الآية جاء موضحًا في آيات كثيرة؛ كقوله تعالى: ﴿إنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ﴾، وقوله: ﴿فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ﴾، إلى غير ذلك من الآيات، كما تقدّم إيضاحه.
وقوله: ﴿وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾، جاء معناه موضحًا في آيات كثيرة؛ كقوله: ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى﴾، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾، والآيات بمثل ذلك كثيرة، وقد أوضحنا سابقًا أن الهدى المنفي عنه صلى الله عليه وسلم، في قوله تعالى هنا: ﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾، هو هدى التوفيق؛ لأن التوفيق بيد اللَّه وحده، وأن الهدى المثبت له ﷺ في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾، هو هدى الدلالة على الحق والإرشاد إليه، ونزول قوله تعالى: ﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾، في أبي طالب مشهور معروف.
قوله تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾.
قد قدّمنا الآيات الموضحة له في أوّل سورة "الكهف"، في الكلام على قوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ﴾.
قوله تعالى: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾.
كقوله تعالى: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ﴾، والوجه من الصفات التي يجب الإيمان بها مع التنزيه التام عن مشابهة صفات الخلق، كما أوضحناه في سورة "الأعراف"، وفي غيرها.
قوله تعالى: ﴿لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾.
قد قدّمنا الآيات الموضحة له في سورة "الكهف"، في الكلام على قوله تعالى: ﴿وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً﴾، وقد تركنا ذكر إحالات كثيرة في سورة "القصص"، هذه.
تم بحمد الله تفسير سورة القصص


الصفحة التالية
Icon