باعثهم، ومجازيهم على أعمالهم، وإن كان أكثر الناس لا يعلمون هذا، فكانوا غافلين عن الآخرة، كافرين بلقاء ربّهم.
وقوله تعالى في الآيات المذكورة: ﴿وَمَا بَيْنَهُمَا﴾، أي: ما بين السماواتوالأرض،
يدخل فيه السحاب المسخّر بين السماء والأرض، والطير صافّات، ويقبض بين السماء والأرض والهواء الذي لا غنى للحيوان عن استنشاقه.
قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾، إلى قوله تعالى: ﴿كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾.
قد قدّمنا الآيات الموضحة له في سورة "الحجر"، في الكلام على قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ﴾. وفي "المائدة"، في الكلام على قوله تعالى: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ﴾. وفي "هود"، في الكلام على قوله تعالى: ﴿وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ﴾. وفي "الإسراء"، في الكلام على قوله تعالى: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ﴾، وفي غير ذلك.
وقوله تعالى في آية "الروم" هذه: ﴿كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا﴾، جاء موضحًا في آيات أُخر؛ كقوله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾، ونحو ذلك من الآيات.
قوله تعالى: ﴿ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ﴾.
قرأ هذا الحرف نافع وابن كثير وأبو عمرو: ﴿كَانَ عَاقِبَةُ﴾، بضم التاء اسم كان، وخبرها ﴿السُّوأَى﴾. وقرأه ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي: ﴿ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ﴾، بفتح التاء خبر ﴿كَانَ﴾ قدم على اسمها على حدّ قوله في "الخلاصة" :
وفي جميعها توسط الخبر أجز........................
وعلى هذه القراءة فـ ﴿السُّوأَى﴾ اسم ﴿إِن كَانَ﴾، وإنما جرد الفعل من التاء مع أن ﴿السُّوأَى﴾ مؤنثة لأمرين:


الصفحة التالية
Icon