والحاصل: أن حديث البراء المذكور، دلَّ على أن مع ملك الموت ملائكة أخرين يأخذون من يده الروح، حين يأخذه من بدن الميّت. وأمّا قوله تعالى: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا﴾، فلا إشكال فيه؛ لأن الملائكة لا يقدرون أن يتوفّوا أحدًا إلاّ بمشيئته جلَّ وعلا: ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً﴾.
فتحصل: أن إسناد التوفي إلى ملك الموت في قوله هنا: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ﴾، لأنه هو المأمور بقبض الأرواح، وأن إسناده للملائكة في قوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ﴾، ونحوها من الآيات؛ لأن لملك الموت أعوانًا يعملون بأمره، وأن إسناده إلى اللَّه في قوله تعالى: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا﴾، لأن كل شىء كائنًا ما كان لا يكون إلا بقضاء اللَّه وقدره، والعلم عند اللَّه تعالى.
قوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ﴾.
قد قدّمنا الآيات الموضحة له في سورة "الأعراف"، في الكلام على قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ﴾، وفي سورة "مريم"، في الكلام على قوله تعالى: ﴿أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا﴾.
قوله تعالى: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾.
قد قدّمنا الآيات الموضحة له في سورة "يونس"، في الكلام على قوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً﴾.
قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ﴾.
قد قدّمنا الآيات الموضحة له مع بيان الآيات الدالَّة على العواقب السيّئة الناشئة عن الإعراض، عن التذكير بآيات اللَّه في سورة "الكهف"، في الكلام على قوله تعالى: {وَمَنْ