ما تقدم، ويزيد في الأُمّهات المرضعات دخولها في عموم الأمّهات فتكون داخلة في النصّ، وسائرهن في معناها، فثبت فيهن حكمها"، انتهى من "المغني"، وهو واضح كما ترى.
فرعان يتعلقان بهذه المسألة
الأول : اعلم أن أهل العلم اختلفوا فيما إذا شبّه امرأته بظهر من تحرم عليه تحريمًا مؤقّتًا، كأخت امرأته، وعمّته وكالأجنبية، فقال بعض أهل العلم: هو ظهار وهو قول أصحاب مالك، وهو عندهم من نوع الكناية الظاهرة، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، واختارها الخرقي. والرواية الأخرى عن أحمد: أنه ليس بظهار، وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي.
وحجّة القول الأوّل: أنه شبّه امرأته بمحرمة، فأشبه ما لو شبّهها بالأُم، لاشتراك الجميع في التحريم؛ لأن مجرّد قوله: أنت عليّ حرام، إذا نوى به الظهار، يكون ظهارًا على الأظهر، والتشبيه بالمحرمة تحريم، فيكون ظهارًا.
وحجّة القول الثاني: أن التي شبّه بها امرأته، ليست محرمة على التأبيد، فلا يكون لها حكم ظهر الأُمّ إلا إن كان تحريمها مؤبّدًا كالأم، ولما كان تحريمها غير مؤبّد كان التشبيه بها ليس بظهار، كما لو شبّهها بظهر حائض، أو محرمة من نسائه، وأجاب المخالفون عن هذا: بأن مجرد التشبيه بالمحرمة يكفي في الظهار لدخوله في عموم قوله: ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً﴾، قالوا: وأما الحائض، فيباح الاستمتاع بها في غير الفرج، والمحرمة يحلّ له النظر إليها ولمسها من غير شهوة، وليس في وطء واحدة منهما حدّ بخلاف مسألتنا، انتهى من "المغني"، مع تصرّف يسير لا يخلّ بالمعنى.
وقال صاحب "المغني" :"واختار أبو بكر: أن الظهار لا يكون إلا من ذوات المحرم من النساء، قال: فبهذا أقول.
وقال بعض العلماء: إن شبّه امرأته بظهر الأجنبية، كان طلاقًا. قاله بعض المالكية، اهـ.
قال مقيّده -عفا اللَّه عنه وغفر له- : أظهر أقوال أهل العلم عندي وأجراها على الأصول، هو قول من قال: إنه يكون مظاهرًا، ولو كانت التي شبّه امرأته بظهرها غير مؤبدة


الصفحة التالية
Icon