وهذا الذي استظهرنا هو الذي اختاره ابن عقيل، خلافًا لما نقله في "المغني"، عن أحمد ونصره من أنه يكفي فيه كفارة الظهار عن كفارة اليمين، والعلم عند اللَّه تعالى.
المسألة الثامنة : أظهر أقوال أهل العلم عندي، فيمن قال لامرأته: أنت عليّ حرام كظهر أُمّي، أو أنت عليّ كظهر أُمّي حرام أنه يكون مظاهرًا مطلقًا، ولا ينصرف للطلاق، ولو نواه؛ لأن الصيغة صريحة في الظهار.
المسألة التاسعة : أظهر أقوال أهل العلم عندي، فيمن قال لامرأته: أنت طالق كظهر أُمّي، أن الطلاق إن كان بائنًا بانت به، ولا يقع ظهار بقوله: كظهر أُمّي؛ لأن تلفظه بذلك وقع، وهي أجنبية فهو كالظهار من الأجنبية، وإن كان الطلاق رجعيًّا، ونوى بقوله: كظهر أُمّي، الظهار كان مظاهرًا؛ لأن الرجعية زوجة يلحقها الظهار والطلاق، وإن لم ينوِ به الظهار، فلا يكون ظهارًا، لأنه أتى بصريح الطلاق أوّلاً، وجعل قوله: كظهر أُمّي، صفة له، وصريح الطلاق لا ينصرف إلى الظهار. ونقل في "المغني"، هذا الذي استظهرنا عن القاضي، وقال: وهو مذهب الشافعي. وأما لو قدم الظهار على الطلاق، فقال: أنت عليّ كظهر أُمّي طالق، فالأظهر وقوع الظهار والطلاق معًا، سواء كان الطلاق بائنًا أو رجعيًّا؛ لأن الظهار لا يرفع الزوجية، ولا تحصل به البينونة، لأن الكفارة ترفع حكمه، فلا يمنع وقوع الطلاق على المظاهر منها، والعلم عند اللَّه تعالى.
المسألة العاشرة : أظهر أقوال أهل العلم عندي أنه إن شبّه أي عضو من امرأته بظهر أُمّه، أو بأي عضو من أعضائها، فهو مظاهر لحصول معنى تحريم الزوجة بذلك. وسواء كان عضو الأم يجوز له النظر إليه كرأسها ويدها أو لا يجوز له كفرجها وفخذها، وهذا قول مالك، والشافعي، وإحدى الروايتين عن أحمد، ورواية أخرى: أنه لا يكون مظاهرًا حتى يشبّه جملة امرأته؛ لأنه لو حلف باللَّه لا يمسّ عضوًا معيّنًا منها لم يسر إلى غيره من أعضائها، فكذلك المظاهرة، ولأن هذا ليس بمنصوص عليه، ولا هو في معنى المنصوص، وعن أبي حنيفة: إن شبّهها بما يحرم النظر إليه من الأُمّ كالفخذ والفرج فهو ظهار، وإن شبّهها بما يجوز النظر إليه، كاليد والرأس فليس بظهار؛ لأن التشبيه بعضو يحلّ النظر إليه كالتشبيه بعضو زوجة له أخرى، فلا يحصل به الظهار، وإنما استظهرنا أنه ظهار مطلقًا؛ لأن معنى التحريم حاصل به، فهو في معنى صريح الظهار، فقولهم: ولا هو في معنى المنصوص ليس بمسلّم، بل هو في معناه، وقياسه على حلفه باللَّه لا يمسّ عضوًا


الصفحة التالية
Icon