نوى يمينًا فهو يمين، وإن لم ينوِ شيئًا هو كذبة لا شىء فيها، قاله سفيان، وحكاه النخعي عن أصحابه، وحجّة هذا القول: أن اللفظ محتمل لما نواه من ذلك، فيتبع نيّته.
القول السابع : مثل هذا إلاّ أنه إن لم ينوِ شيئًا فهو يمين يكفرها، وهو قول الأوزاعي. وحجّة هذا القول ظاهر قوله تعالى: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾.
القول الثامن : مثل هذا أيضًا، إلا أنّه إن لم ينوِ شيئًا فواحدة بائنة إعمالاً للفظ التحريم، هكذا ذكر هذا القول في "إعلام الموقعين"، ولم يعزه لأحد.
وقال صاحب "نيل الأوطار" :"وقد حكاه ابن حزم عن إبراهيم النخعي".
القول التاسع : أن فيه كفارة الظهار. قال في "إعلام الموقعين" :"وصحّ ذلك عن ابن عباس أيضًا، وأبي قلابة، وسعيد بن جبير، ووهب بن منبه، وعثمن البتي، وهو إحدى الروايات عن الإمام أحمد. وحجّة هذا القول: أن اللَّه تعالى جعل تشبيه المرأة بأُمّه المحرّمة عليه ظهارًا وجعله منكرًا من القول وزورًا، فإذا كان التشبيه بالمحرمة يجعله مظاهرًا، فإذا صرّح بتحريمها كان أولى بالظهار، وهذا أقيس الأقوال وأفقهها. ويؤيّده: أن اللَّه لم يجعل للمكلف التحريم والتحليل، وإنما ذلك إليه تعالى، وإنما جعل له مباشرة الأفعال والأقوال، التي يترتّب عليها التحريم والتحليل، فالسبب إلى العبد وحكمه إلى اللَّه تعالى، فإذا قال: أنت عليّ كظهر أُمّي، أو قال: أنت عليّ حرام، فقد قال المنكر من القول والزور، وقد كذّب، فإن اللَّه لم يجعلها كظهر أُمّه، ولا جعلها عليه حرامًا، فأوجب عليه بهذا القول من المنكر والزور أغلظ الكفارتين، وهي كفّارة الظهار".
القول العاشر : أنه تطليقة واحدة، وهي إحدى الروايتين عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه، وقول حماد بن أبي سليمانشيخ أبي حنيفة، وحجّة هذا القول: أن تطليق التحريم لا يقتضي التحريم بالثلاث، بل يصدق بأقلّه والواحدة متيقنة، فحمل اللفظ عليها؛ لأنها اليقين فهو نظير التحريم بانقضاء العدّة.
القول الحادي عشر : أنه ينوي فيما أراد من ذلك، فيكون له نيّته في أصل الطلاق وعدده، وإن نوى تحريمًا بغير طلاق، فيمين مكفّرة. قال ابن القيّم: "وهو قول الشافعي.
وحجّة هذا القول: أن اللفظ صالح لذلك كلّه، فلا يتعيّن واحد منها إلاّ بالنيّة، فإن نوى تحريمًا مجرّدًا كان امتناعًا منها بالتحريم كامتناعه باليمين، ولا تحرم عليه في


الصفحة التالية
Icon