رماني بأمر كنت منه ووالدي بريئًا ومن أجل الطوى رماني
يعني: كنت بريئًا منه، وكان والدي بريئًا منه أيضًا. وقول النابغة الجعدي:
وقد زعمت بنو سعد بأني وما كذبوا كبير السن فاني
يعني: زعمت بنو سعد أني فان وما كذبوا.. الخ.
وقالت جماعة من أهل الأصول: إن حمل المطلق على المقيد بالقياس، لا بدلالة اللفظ وهو أظهرها. وقيل: بالعقل، وهو أضعفها وأبعدها.
الحالة الثانية : هي أن يتّحد الحكم، ويختلف السبب، كالمسألة التي نحن بصددها، فإن الحكم في آية المقيد وآية المطلق واحد، وهو عتق رقبة في كفّارة، ولكن السبب فيهما مختلف؛ لأن سبب المقيد قتل خطأ، وسبب المطلق ظهار، ومثل هذا المطلق يحمل على المقيد عند الشافعية، والحنابلة، وكثير من المالكية، ولذا شرطوا الإيمان في كفارة الظهار حملاً لهذا المطلق على المقيّد، خلافًا لأبي حنيفة ومن وافقه، قالوا: ويعتضد حمل هذا المطلق عن المقيد بقوله ﷺ في قصّة معوية بن الحكم السلمي رضي اللَّه عنه: "اعتقها فإنها مؤمنة"، ولم يستفصله عنها، هل هي في كفارة أو لا؟ وترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في الأقوال. قال في "مراقي السعود" :
ونزلن ترك الاستفصال منزلة العموم في الأقوال
الحالة الثالثة : عكس هذه، وهي الاتّحاد في السبب مع الاختلاف في الحكم، فقيل: يحمل فيها المطلق على المقيّد. وقيل: لا، وهو قول أكثر العلماء، ومثلوا له بصوم الظهار، وإطعامه، فسببهما واحد وهو الظهار، وحكمهما مختلف؛ لأن أحدهما تكفير بصوم، والآخر تكفير بإطعام، وأحدهما مقيّد بالتتابع، وهو الصوم. والثاني مطلق عن قيد التتابع، وهو الإطعام، فلا يحمل هذا المطلق على هذا المقيد. والقائلون بحمل المطلق على المقيد في هذه الحالة، مثلوا لذلك بإطعام الظهار، فإنه لم يقيّد بكونه من قبل أن يتماسّا، مع أن عتقه وصومه قد قيّدا بقوله: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا﴾، فيحمل هذا المطلق على المقيد، فيجب كون الإطعام قبل المسيس، ومثل له اللخمي بالإطعام في كفارة اليمين حيث قيّد بقوله: ﴿مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾، مع إطلاق الكسوة عن القيد بذلك، في قوله: ﴿أَوْ كِسْوَتُهُمْ﴾ فيحمل هذا المطلق على المقيد، فيشترط في


الصفحة التالية
Icon