تنبيه
فإن قيل: إن الضمير في قوله: ﴿لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ﴾، وفي قوله: ﴿يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾، ضمير الذكور، فلو كان المراد نساء النبيّ ﷺ لقيل: ليذهب عنكن ويطهركن.
فالجواب من وجهين:
ا لأول : هو ما ذكرنا من أن الآية الكريمة شاملة لهنّ ولعليّ والحسن والحسين وفاطمة، وقد أجمع أهل اللسان العربي على تغليب الذكور على الإناث في الجموع ونحوها، كما هو معلوم في محله.
الوجه الثاني : هو أن من أساليب اللغة العربية التي نزل بها القرءان أن زوجة الرجل يطلق عليها اسم الأهل، وباعتبار لفظ الأهل تخاطب مخاطبة الجمع المذكر، ومنه قول تعالى في موسى: ﴿فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا﴾، وقوله: ﴿سَآتِيكُمْ﴾، وقوله: ﴿لَعَلِّي آتِيكُمْ﴾، والمخاطب امرأته؛ كما قاله غير واحد، ونظيره من كلام العرب قول الشاعر:

فإن شئت حرمت النساء سواكم وإن شئت لم أطعم نقاخًا ولا بردا
وبما ذكرنا تعلم أن قول من قال: إن نساء النبيّ ﷺ لسن داخلات في الآية، يردّ عليه صريح سياق القرءان، وأن من قال: إن فاطمة وعليًّا والحسن والحسين ليسوا داخلين فيها، تردّ عليه الأحاديث المشار إليها.
وقال بعض أهل العلم: إن أهل البيت في الآية هم من تحرم عليهم الصدقة، والعلم عند اللَّه تعالى. وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾، يعني: أنه يذهب الرجس عنهم، ويطهرهم بما يأمر به من طاعة اللَّه، وينهى عنه من معصيته؛ لأن من أطاع اللَّه أذهب عنه الرجس، وطهّره من الذنوب تطهيرًا.
وقال الزمخشري في "الكشاف" :"ثم بيّن أنه إنما نهاهنّ وأمرهن ووعظهن لئلا يقارف أهل بيت رسول اللَّه ﷺ المآثم، وليتصوّنوا عنها بالتقوى، واستعار للذنوب الرجس، وللتقوى الطهر؛ لأن عرض المقترف للمقبحات يتلوّث بها ويتدنّس كما يلتوّث بدنة بالأرجاس. وأمّا الحسنات فالعرض منها نقي مصون كالثوب الطاهر، وفي هذه الاستعارة


الصفحة التالية
Icon