الأجانب ينظرون إلى الشابة، وهي سافرة كما ترى، وقد دلَّت الأدلَّة المتقدمة على أنها يلزمها حجب جميع بدنها عنهم.
وبالجملة، فإن المنصف يعلم أنه يبعد كل البعد أن يأذن الشارع للنساء في الكشف عن الوجه أمام الرجال الأجانب، مع أن الوجه هو أصل الجمال، والنظر إليه من الشابة الجميلة هو أعظم مثير للغريزة البشرية وداع إلى الفتنة، والوقوع فيما لا ينبغي، ألم تسمع بعضهم يقول: قلت اسمحوا لي أن أفوز بنظرة ودعوا القيامة بعد ذاك تقوم
أترضى أيها الإنسان أن تسمح له بهذه النظرة إلى نسائك وبناتك وأخوانك، ولقد صدق من قال:

وما عجب أن النساء ترجلت ولكن تأنيث الرجال عجاب
مسألة تتعلق بهذه الآية الكريمة أعني آية الحجاب هذه
اعلم: أنه لا يجوز للرجل الأجنبي أن يصافح امرأة أجنبية منه.
ولا يجوز له أن يمسّ شىء من بدنه شيئًا من بدنها.
والدليل على ذلك أمور:
الأول : أن النبيّ ﷺ ثبت عنه أنّه قال: "إني لا أصافح النساء"، الحديث. واللَّه يقول: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾، فيلزمنا ألاّ نصافح النساء اقتداء به صلى الله عليه وسلم، والحديث المذكور موضحًا في سورة "الحجّ"، في الكلام على النهي عن لبس المعصفر مطلقًا في الإحرام، وغيره للرجال. وفي سورة "الأحزاب"، في آية الحجاب هذه.
وكونه ﷺ لا يصافح النساء وقت البيعة دليل واضح على أن الرجل لا يصافح المرأة، ولا يمسّ شىء من بدنه شيئًا من بدنها؛ لأن أخفّ أنواع اللّمس المصافحة، فإذا امتنع منها ﷺ في الوقت الذي يقتضيها وهو وقت المبايعة، دلَّ ذلك على أنها لا تجوز، وليس لأحد مخالفته صلى الله عليه وسلم، لأنه هو المشرع لأُمّته بأقواله وأفعاله وتقريره.


الصفحة التالية
Icon