الصالحة؛ كما بيّنه بقوله: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾، وكأرواح المؤمنين وغير ذلك؛ كما قال تعالى: ﴿تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾.
وقال تعالى: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾، وما ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة من أنه يعلم جميع ما ذكر، ذكره في سورة "الحديد"، في قوله: ﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾.
وقد أوضحنا الآيات الدالَّة على كمال إحاطة علم اللَّه بكل شىء في أوّل سورة "هود"، في الكلام على قوله تعالى: ﴿أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ﴾، وفي مواضع أُخر متعدّدة.
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ﴾.
ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة أن الكفار أنكروا البعث، وقالوا: ﴿لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ﴾، أي: القيامة، وأنّه جلَّ وعلا أمر نبيّه أن يقسم لهم بربّه العظيم أن الساعة سوف تأتيهم مؤكّدًا ذلك توكيدًا متعدّدًا.
وما ذكره جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة من إنكار الكفار للبعث، جاء موضحًا في آيات كثيرة؛ كقوله تعالى: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَيَقُولُ الْأِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً﴾، وقوله تعالى عنهم: ﴿وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ﴾، ﴿وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ﴾، والآيات بمثل ذلك كثيرة جدًّا، وما ذكره جلَّ وعلا من أنه أمر نبيّه بالإقسام لهم على أنهم يبعثون، جاء موضحًا في مواضع أُخر.
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة: "هذه إحدى الآيات الثلاث التي لا رابعة لهنّ، ممّا أمر اللَّه رسوله ﷺ أن يقسم بربّه العظيم على وقوع المعاد، لما أنكره من أنكره من أهل الكفر والعناد، فإحداهنّ في سورة "يونس" عليه السّلام، وهي قوله تعالى:


الصفحة التالية
Icon