يعني: أن الجهل غائب عنه ليس متّصفًا به. وقرأ هذا الحرف نافع وابن عامر: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ﴾، بألف بعد العين وتخفيف اللام المكسورة، وضمّ الميم على وزن فاعل. وقرأه حمزة والكسائي: ﴿عَلاَّمُ الْغَيْبِ﴾، بتشديد الميم وألف بعد اللام المشدّدة وخفض الميم على وزن فعال. وقرأه ابن كثير وأبو عمرو وعاصم: ﴿عَالِمِ الْغَيْبِ﴾ ؛ كقراءة نافع وابن عامر، إلا أنهم يخفضون الميم. وعلى قراءة نافع وابن عامر بضم الميم، من قوله: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ﴾، فهو مبتدأ خبره جملة: ﴿لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ﴾ الآية، أو خبر مبتدأ محذوف، أي: هو عالم الغيب.
وعلى قراءة ابن كثير وأبي عمرو وعاصم: ﴿عَالِمِ الْغَيْبِ﴾، بخفض الميم فهو نعت لقوله: ﴿رَبّى﴾، أي: قل: بلى وربي عالم الغيب لتأتينكم، وكذلك على قراءة حمزة والكسائي: ﴿عَلاَّمُ الْغَيْبِ﴾. وقرأ هذا الحرف عامّة القرّاء غير الكسائي: ﴿لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ﴾، بضم الزاي من ﴿يَعْزُبُ﴾، وقرأه الكسائي بكسر الزاي.
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ﴾.
لم يبيّن هنا نوع هذا العذاب، ولكنّه بيَّنه بقوله في "الحجّ" :﴿وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾، وقوله: ﴿مُعَاجِزِينَ﴾، أي: مغالبين ومسابقين، يظنون أنهم يعجزون ربّهم، فلا يقدر على بعثهم وعذابهم. والرجز: العذاب؛ كما قال: ﴿فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً﴾، وقرأ هذا الحرف ابن كثير، وأبو عمرو: ﴿مُعَجّزِينَ﴾، بلا ألف بعد العين مع تشديد الجيم المكسورة. وقرأه الباقون بألف بعد العين، وتخفيف الجيم، ومعنى قراءة التشديد أنهم يحسبون أنهم يعجزون ربهم، فلا يقدر على بعثهم وعقابهم.
وقال بعضهم: أن معنى ﴿مُعَجّزِينَ﴾ بالتشديد، أي: مثبطين الناس عن الإيمان. وقرأ ابن كثير وحفص: ﴿مّن رّجْزٍ أَلِيمٌ﴾، بضم الميم من قوله: ﴿أَلِيمٌ﴾ على أنه نعت؛ لقوله: ﴿عَذَابِ﴾ وقرأ الباقون: ﴿أَلِيمٌ﴾ بالخفض على أنه نعت لقوله: ﴿رِجْزٍ﴾.
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾، إلى قوله: ﴿وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ﴾.


الصفحة التالية
Icon