وقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ﴾، ومن رحمته إرسال الرسل، وإنزال الكتب؛ كقوله تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾، كما تقدّم إيضاحه في سورة "الكهف"، في الكلام على قوله تعالى: ﴿فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا﴾.
وما تضمّنته هذه الآية الكريمة جاء موضحًا في آيات كثيرة؛ كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ﴾، وقوله تعالى: ﴿قُُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً﴾، وقوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً﴾، إلى غير ذلك من الآيات.
وقد قدّمنا بعض الكلام على هذا في سورة "الأنعام"، في الكلام على قوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، و ﴿مَا﴾ في قوله تعالى: ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ﴾، وقوله: ﴿وَمَا يُمْسِكْ﴾ شرطية، وفتح الشىء التمكين منه وإزالة الحواجز دونه، والإمساك بخلاف ذلك.
قوله تعالى: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾.
الاستفهام في قوله: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ﴾، إنكاري فهو مضمن معنى النفي.
والمعنى: لا خالق إلا اللَّه وحده، والخالق هو المستحق للعبادة وحده.
وقد قدّمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة "الرعد"، في الكلام على قوله تعالى: ﴿أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ﴾. وفي سورة "الفرقان"، في الكلام على قوله تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾، وفي غير ذلك من المواضع.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾، يدلّ على أنه تعالى هو الرازق وحده، وأن الخلق في غاية الاضطرار إليه تعالى.
والآيات الدالَّة على ذلك كثيرة؛ كقوله تعالى: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ