كثيرة في سورة "البقرة"، و "النحل"، و "الأنبياء" وغير ذلك، وقد تقدّمت الإحالة عليه مرارًا.
قوله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً﴾.
بيَّن جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة أن من كان يريد العزة فإنها جميعها للَّه وحده، فليطلبها منه وليتسبب لنيلها بطاعته جلَّ وعلا، فإن من أطاعه أعطاه العزّة في الدنياوالآخرة. أمّا الذين يعبدون الأصنام لينالوا العزّة بعبادتها، والذين يتّخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين، يبتغون عندهم العزّة، فإنهم في ضلال وعمى عن الحق؛ لأنهم يطلبون العزّة من محل الذلّ.
وهذا المعنى الذي دلَّت عليه هذه الآية الكريمة، جاء موضحًا في آيات من كتاب اللَّه تعالى؛ كقوله تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً * كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً﴾، وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً﴾، وقوله تعالى: ﴿وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾، وقوله تعالى: ﴿يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ﴾، وقوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾، والعزة: الغلبة والقوة. ومنه قول الخنساء:
كأن لم يكونوا حمى يختشى | إذ الناس إذ ذاك من عزيزا |
وقول من قال من أهل العلم: إن معنى الآية: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ﴾، أي: يريد أن يعلم لمن العزَّة أصوب منه ما ذكرنا، والعلم عند اللَّه تعالى.
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ﴾.
قد تقدّم بعض الكلام عليه في سورة "النحل"، مع إعراب السيئات.