الكلام على قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا﴾.
وتقدم في سورة "الأنعام"، في الكلام على قوله تعالى: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ﴾.
أن قوله في آية "فاطر" هذه: ﴿وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا﴾، دليل قرءاني واضح على بطلان دعوى من ادّعى من العلماء أن اللؤلؤ والمرجان لا يخرجان إلاّ من البحر الملح خاصّة.
قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ﴾.
قد قدّمنا الآيات الموضحة له في سورة "مريم"، في الكلام على قوله تعالى: ﴿كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً﴾، وفي غيره من المواضع.
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾.
بيَّن جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة أنه غني عن خلقه، وأن خلقه مفتقر إليه، أي: فهو يأمرهم وينهاهم لا لينتفع بطاعتهم، ولا ليدفع الضرّ بمعصيتهم، بل النفع في ذلك كلّه لهم، وهو جلَّ وعلا الغني لذاته الغني المطلق.
وما دلَّت عليه هذه الآية الكريمة مع كونه معلومًا من الدين بالضرورة، جاء في مواضع كثيرة من كتاب اللَّه؛ كقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ﴾، وقوله تعالى: ﴿فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾، إلى غير ذلك من الآيات.
وبذلك تعلم عظم افتراء ﴿الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ﴾، وقد هدّدهم اللَّه على ذلك، بقوله: ﴿سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾.
قوله تعالى: ﴿إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ﴾.
قد قدّمنا الآيات الموضحة له في سورة "النساء"، في الكلام على قوله تعالى: {إِنْ


الصفحة التالية
Icon